للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقرآن وصف كله بالتشابه، ووصف كله بالإحكام، فقال تعالى: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ﴾ [هود: ١]، ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِىَ﴾ [الزمر: ٢٣].

﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾:

﴿فَأَمَّا﴾: الفاء: استئنافية، أما: حرف شرط وتفصيل.

﴿الَّذِينَ﴾: اسم موصول.

﴿فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾: الزيغ: هو الميل عن الحق، بسبب الأهواء، والشهوة، أو الشبهة، أو الفتنة، والزيغ: مشتقة من تزايغ الأسنان؛ أي: اختلاف منابتها، فتظهر خارجه، أو داخله.

في قلوبهم مرض الزيغ.

والزيغ: مرض يطرأ على القلوب التي تخلق لا زيغ فيها؛ لأنها تخلق على الفطرة السليمة، وما يجعلها تزيغ هي الأهواء، والشهوات.

﴿فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾: يتخذون الآيات المتشابهات وسيلة للطعن، أو يعطلون صفات الله، أو يحرفونها؛ ليخدموا شهواتهم، وأهواءهم.

﴿ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ﴾: أي: يتبعون الزيغ طلباً لفتنة المؤمنين في دينهم، ومعتقداتهم، وليضلوا عقول الذين يضلونهم، وإثارة للشبهة، والتناقض، وتشكيك المؤمنين بدينهم، والتلبيس عليهم.

والفتنة: هي أشد الابتلاء، والاختبار، وتكون في الخير والشر، وأصلها مشتق من فتنة (عرض) الذهب على النار ليميز الجيد من الرديء، ولها معانٍ كثيرة، ومختلفة؛ منها: الكفر، والشرك، والأذية (أذى الناس)، والقتل، والأسر، والضلالة، والزيغ، والعدول عن الحق والصراط، وتعني: الحجة، والمعذرة،

<<  <  ج: ص:  >  >>