تبقى أسرارُ القرآن الكريم حبلَ الله ونورَه في السموات والأرض فوق كلِّ تفسير، وأكبرَ من أن يحيط بها علمٌ، أو يصل إلى حقيقتها عقل بشر، أو يعلم منتهاها إلا الذي أنزلها سبحانه؛ فقد حارت عقول علماء الفقه والتفسير، وعلماء اللغة والنحو والبيان، وعلماء الكون في عظمة كلام الله ﷿ وإعجازه.
فالكلُّ يُقرُّ ويعترف بأنهم مهما بلغوا من العلم في تفسير كتاب الله ﷿ ما بلغوا إلا قليلاً، ولم يدركوا من أسراره ومعانيه إلا يسيراً، أو ما سواه إلا نقيراً، أو فتيلاً، أو قطميراً، أو حبةً من خردل، أو ذرَّة، أو دون ذلك، أو قطرة من بحر يمدُّه من بعده سبعة أبحر.
هذا الكتاب الذي نزَّله على عبده، ولم يجعل له عوجاً؛ ليكون للعالمين نذيراً، ويبشِّر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً حسناً.
والكلُّ يعلم أن هذا القرآن لا يزال يُفسَّر طوال (١٤) قرناً، وفي كلِّ زمن تظهر بعض المعاني والأسرار الجديدة، وكما قيل: لا تنقضي عجائبه.
ولقد استغرقتُ أكثر من (٢٥) عاماً في كتابة هذا التفسير مستنداً إلى مصادر علمية موثوقة تطرَّق إليها الباحثون، وتفسير القرآن بالقرآن، والدراسات في علوم القرآن والأشباه والنظائر، والتفسير الموضوعي، وعلوم اللغة والبيان والنحو والبلاغة.