أي: فلا تغتر أنت ومن اتبعك من المؤمنين بتقلب الّذين كفروا في البلاد، بتجارتهم وزراعتهم وصناعاتهم وسعة رزقهم وما هم فيه من رغد العيش.
﴿تَقَلُّبُهُمْ﴾: يعني ضربهم في الأرض؛ أي: سفرهم للتجارة وكسبهم المال، وغيرها.
لنقارن هذه الآية (٤) من سورة غافر قوله: ﴿فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِى الْبِلَادِ﴾ مع الآية (١٩٦) من سورة آل عمران قوله: ﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِى الْبِلَادِ﴾.
في آية آل عمران أكد النّهي بعدم الاغترار بإضافة نون النّسوة إلى يغرنك؛ لأنّ السّياق في آل عمران في الهجرة والجهاد في سبيل الله بالأموال والأنفس.
﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ﴾: أي كذبت قبل قريش قوم نوح، ونوح هو أول رسول بُعث للنهي عن عبادة الأصنام وكذبت، ولم يقل كذب؛ للدلالة على الكثرة (تاء التّأنيث تدل على الكثرة) وكذب تدل على القلة، كذبت قبلهم قوم نوح نوحاً ﵇ ولم يؤمنوا به رغم مرور (٩٥٠) سنة على دعوته إياهم.
﴿وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾: الأحزاب جمع حزب، من بعدهم: أي من بعد قوم نوح وهم الأمم الّذين تحزبوا على رسلهم وأنبيائهم بالتّكذيب والإعراض وعدم الإيمان والقتل أمثال: عاد وثمود ومدين وأصحاب الأيكة وقوم لوط وقوم فرعون.
﴿وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ﴾: وهمّت من الهم، والهم نوعان: ثابت إذا كان معه العزم، وعارض هو حديث النّفس ولا عزم.