والسّر مقدّم على العلن؛ لأنّ كلّ قول أو فعل يُسرّ أوّلاً ثمّ يُعلن ثانياً فمن حيث التّرتيب السّر أسبق من العلن، ما يسرون من النّفاق أو العقائد الفاسدة والبدع والفواحش والمحرمات، وما يعلنون من الإيمان أو الكفر، والله يعلم منذ الأزل ما يسرّون وما يعلنون، وذكر أنّه يعلم ما يسرون وما يعلنون للتهديد والإنذار؛ للتهديد والتّحذير وإقامة الحجة عليهم، وفي هذه الآية تطمينٌ لرسول الله ﷺ أنّ الله يعصمه من مكر وكيد الّذين كفروا. وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (٦٥) في سورة يونس وهي قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾: نجد أن آية ياسين نزلت أولاً وآية يونس نزلت بعد ذلك فيكون الجمع بينهما لا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرك وما يعلنون وأن العزة لله جميعاً.
﴿أَوَلَمْ يَرَ الْإِنسَانُ﴾: الخطاب إلى كلّ إنسان ينكر البعث والحساب والجزاء، وهو أعم وأشمل من قوله: أولم يروا أنّا خلقنا لهم مما علمت أيدينا أنعاماً، أولم: الهمزة للاستفهام، الواو تدل على الكثرة والجمع، وشدة الإنكار إنكار شيء مرئي؛ لم: النّافية، يرَ: الإنسان رؤية قلبية علمية؛ أي: يتفكر كيف خلقناه.
﴿أَنَّا﴾: للتعظيم.
﴿خَلَقْنَاهُ مِنْ نُّطْفَةٍ﴾: نطفة الرّجل وهي الحيوان المنويّ ونطفة المرأة البويضة.
﴿فَإِذَا﴾: الفاء للترتيب والتّعقيب والمباشرة؛ أي: مجرد ما أصبح في سن البلوغ أصبح خصيماً؛ أي: تفيد الإسراع في الخصومة، أو تدل على السّببية؛ أي: