أنّ الله هداه؛ لأنّ الله سبحانه ترك لكلّ منهما حرية الاختيار، فالّذي اختلت عنده الموازين والرّؤية، وسار في طريق الضّلال واتَّبع الشّيطان وضل عن طريق الهدى وطاعة الله، فالله سبحانه يتركه وشأنّه، وإذا ابتعد كثيراً عن الحق واستمر في طريق الضّلال فإن الله عندها يختم على قلبه وسمعه وبصره، وأمّا من اختار طريق الهدى وطاعة الله وطلب العون من الله فالله سبحانه سيكون له عوناً ويزيده هدىً.
﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾: فلا: الفاء للتوكيد، لا: النّاهية، تذهب أو تهلك نفسك يا رسول الله ﷺ على أمثال من زيِّن له سوء عمله فرآه حسناً بالحسرة عليهم؛ لأنّهم ضلوا وكفروا، ولم يؤمنوا، فقد كان ﷺ حريصاً على هداية قومه ويألم الألم الشّديد إذا ضل أحدهم حتّى وصفه كأنّه باخع نفسه (قاتل نفسه) ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ [الكهف: ٦].
حسرات: جمع حسرة: وهي غم ناشئ عن فوت فائدة، وتعني: فرط التحسر.
﴿إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾: إن الله: للتوكيد، عليم: صيغة مبالغة من عالم أيْ: كثير العلم، لا تخفى عليه خافية عليم بظواهر أعمالهم وبواطنها.
بما: الباء للإلصاق، ما اسم موصول بمعنى الّذي أو مصدرية.
يصنعون: من المنكرات والسّيئات والفساد والقتل، واختار يصنعون ولم يقل يعملون: العمل يضم القول والفعل، ويصنعون يعملون بجودة واجتهاد؛ أي: يجتهدون في الأعمال السيئة أو السوء؛ أيْ: أصبح ارتكابهم للسيئات