والجعل يكون بعد الخلق أيْ: لم يجعل الله لأحد قلبين في صدره، وهذه حقيقة علمية، وهناك الكثير من التشوهات الخلقية تحدث في القلب، ولكن لم يُعثر على أحد خُلق وله قلبان.
وذكر بعض المفسرين أن هذه نزلت في بعض الأفراد من بني فهر أو بني جمح من قريش يُضرب بهم المثل في الحفظ والذاكرة أو الدهاء.
وقيل: ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه هو مثل ضربه الله للذي يُظاهر امرأته والمتبني ولد غيره، أيْ: كما لم يجعل الله لرجل قلبين في جوفه لم يجعل زوجة لرجل أماً له، ولم يجعل أيَّ ابن بالتبني ابناً حقيقياً للأب المتبني، ولذلك قال تعالى: ادعوهم لآبائهم فقط.
﴿وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ الَّائِى تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ﴾: فقد كان شائعاً عند العرب وقريش زمن الجاهلية عادة اجتماعية تسمَّى الظّهار، فحين يحدث بين الرّجل وزوجته نشوز أو كره كان يقول لها: أنت كظهر أمّي، أيْ: أنت عليّ محرمة كحرمة أمّي فتصبح عليه محرمة إلى الأبد (تشبه الطّلاق)، فلما جاء الإسلام جعل لها كفارة ولم يعتبرها طلاقاً؛ لأنّ الزّوجة ليست أمّاً له كما ادَّعى، وحدَّد هذه الكفارة إمّا بعتق رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.