للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واستعمل كلمة اللائي هنا بدلاً من اللاتي؛ لأنّ اللائي بالهمزة أثقل من التّاء في اللاتي، واللائي يستعملها فقط في آيات الطّلاق، والظّهار فهو يستعمل أثقل الحروف مع أثقل الحالات وهي الطّلاق والظّهار، وكلمة اللائي مشتقة من اللأْي، أيْ: الاحتباس والشّدة، وهذا ما يناسب حالتي الطّلاق والظّهار اللتين في معناهما حبس النفس والشّدة.

﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ﴾: وظاهرة أخرى كانت شائعة في الجاهلية وفي مطلع الإسلام هي التّبني، وأجمع أهل التّفسير على أنّ هذه الآية نزلت في زيد بن حارثة، وروى الأئمّة أنّ ابن عمر قال: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمّد حتّى نزلت ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ رواه البخاري، ورواه الواحدي في أسباب النّزول.

الدّعي: هو الّذي تدعي أنّه ابن لك بالتّبني، فأراد الله سبحانه أن يبطل ذلك فأنزل هذه الآية، ودعا الله سبحانه رسوله والصّحابة وعامة المسلمين أن لا يدعوا أدعياءَهم أبناءَهم، وأن يدعوهم لآبائهم، وأظهر الله سبحانه أن:

﴿ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ﴾: ذلكم اسم إشارة واللام للبعد والكاف للخطاب، ذلكم تشير إلى الادِّعاءات الثّلاثة: أن رجلاً له قلبان في جوفه، وأزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمّهاتكم، وأدعياءَكم أبناءَكم هي مجرَّد أقوال باطلة لا حقيقة لها، وما يقوله الله سبحانه هو الحق بعينه، أيْ: حق اليقين.

ذلكم: ولم يقل ذلك؛ لأنّها تشمل عدة أمور، وليس أمراً واحداً ولأنّها أمور بالغة الأهمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>