وقوله: يخرج: تدل على التجدد والتكرار، وهذا ما نراه في كل يوم، وفي آية (٩٥) من سورة الأنعام قال تعالى: ﴿وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَىِّ﴾ جاء باسم الفاعل؛ ليدل على الثبوت، ثبوت صفة الإخراج. ولمزيد من البيان عن هذه الآية ارجع إلى سورة الأنعام آية (٩٥).
﴿وَيُحْىِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾: وموت الأرض ذُكر في سورة يس آية (٣٣) ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ﴾.
وموت الأرض يعني: كونها هامدة وخاشعة، كما ذكر ذلك في سورة الحج آية (٥): ﴿وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾.
وفي سورة فصلت آية (٣٩): ﴿أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِى أَحْيَاهَا لَمُحْىِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾ وإحياء الأرض يكون بالماء كما قال تعالى ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ﴾ [الآنبياء: ٣٠].
﴿وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ﴾: هذا الإخراج بيّنته أحاديث رسول الله ﷺ:
فقد جاءت الأحاديث مخبرة بأنه يسبق نفخة البعث (النفخة الثانية) نزولُ ماء من السّماء فتنبت به أجساد العباد، كما ورد في (صحيح مسلم) ثم يرسل الله ـ أو قال ينزل الله ـ مطراً كأنه الطَّلّ فتنبت منه أجساد النّاس.
وهذا الإنبات: إنبات الأجساد يكون من وصول هذا الماء الطَّلّ إلى القبور وإلى بقايا عظم عجب الذنب، وهو يسمى في علم التشريح: عظم العجز فالماء يؤدي إلى تكاثر الخلايا التي بقيت حية وقادرة على التكاثر، وهي من الخلايا الجذعية المسماة: كاملة القدرات، القادرة على تكوين الجنين، وهكذا ينمو ويعود الإنسان كما ينبت النبات بعد نزول الماء من السّماء ومن بذرة صغيرة