من كرمه وتفضله، الّذي كانوا يعملون؛ أي: في الدّنيا، (الّذي) هنا تحمل معنى شيء محدد، ولم يقل أحسن ما كانوا يعملون، كما في سورة النّحل آية (٩٧) ﴿أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
﴿الَّذِى﴾: تستعمل للعاقل وغير العاقل وتستعمل للأشياء المحددة، و (ما) تستعمل لغير العقلاء وصفات العقلاء وتستعمل للأشياء العامة غير المحددة.
ولمقارنة هذه الآية (٧) من سورة العنكبوت مع الآية (٩٧) من سورة النّحل، ارجع إلى سورة النّحل للبيان.
وأمّا الفرق بين قوله:(بأحسن) سورة النّحل الآية (٩٧) و (أحسن) سورة العنكبوت الآية (٧): الباء للإلصاق تفيد التّوكيد، وأحسن تعني: الحسنة بعشر أمثالها أو أكثر من ذلك إلى (٧٠) أو (٧٠٠) ضعف.
فالذين آمنوا في سورة النّحل أكثر إيماناً وأشدّ من الّذين آمنوا في سورة العنكبوت.
أسباب النزول: روى مسلم وغيره والواحدي في أسباب النزول: نزلت هذه الآية في سعد بن أبي وقاص، وذلك أنه لما أسلم قالت له أمه: يا سعد بلغني أنك صبوت، فوالله لا يظلني سقف بيت من الضح والريح، ولا آكل ولا أشرب حتى تكفر بمحمد، وترجع إلى ما كنت عليه، أو أموت فتعير فيقال يا قاتل أمه، وكان باراً بأمه، فأبى سعد فصبرت هي ثلاثة أيام لم تأكل ولم تشرب، ولم تستظل بظل حتى خشى عليها، فأتى سعد النبي ﷺ وشكا ذلك إليه فأنزل هذه الآية، وقال سعد إليها: يا أماه لو كانت لك مئة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني، فكلي إن شئت وإن شئت فلا تأكلي فلما آيست منه أسلمت وأكلت.
﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ﴾: ووصّينا: من وصّى، وصّينا: ألزمنا، كلّفنا، وهناك فرق