ولمقارنة هذه الآية (١٤) من سورة مريم: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾، مع الآية (٣٢) من سورة مريم: ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا﴾.
الآية (١٤): ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا﴾: هذا كلام الله سبحانه في حق يحيى؛ فالله سبحانه يعلم الغيب، ويعلم من سيكون جباراً، ومن سيكون عصياً؛ فنفى عن يحيى ﵇ كلا الصفتين.
والآية (٣٢): ﴿وَبَرًّا بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا﴾: هذا كلام عيسى ﵇ في حق ذاته، أو عن نفسه؛ أي: لأنّ الله سبحانه أعطاني حرية الاختيار، فلن أختار أنّ أكون جباراً شقياً.
وكلمة جباراً: ذكرت في كلا الآيتين، وذكر عصياً في الآية (١٤)، وشقياً في الآية (٣٢).
أوّلاً: النّبي، أو الرّسول لا يصح أنّ يكون لا جباراً، ولا عصياً.
وعصياً: من العصيان، والعصيان من عمل العبد.
أمّا شقياً: من الشّقاوة، والشّقاوة: سببها عصيان الله، والله سبحانه لا يجعل أي إنسان لا جباراً، ولا شقياً، ولا عصياً، بل ترك له حرية الاختيار.