﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾: أشار إليهم: إلى الحاضرين في المصلى أن سبحوا بكرة: أوّل النّهار، وعشياً آخره، قال لهم بطريقة الإشارة؛ لأنّه لا يتكلم.
سبحوا: كأنّ الأمر (صادر من الله سبحانه) له ولغيره من المصلين بالتّسبيح بكرة وعشياً، أو يسبحوا معه، ولماذا شمل الأمر بالتّسبيح لغير زكريا مع أنّ الأمر خاص به؟ لأنّ يحيى الّذي سيولد سيكون نبياً لهم، ويتعلم التّوراة، ويتعلم الحكم، وهو صبي، ويحمل الرّسالة الّتي سينتفع بها الصّغير، والكبير، أو كلّ القوم.
ولنقارن قوله تعالى في هذه الآية (١١) من سورة مريم: ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾، وقوله تعالى في الآية (٤١) من سورة آل عمران: ﴿وَاذْكُر رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِىِّ وَالْإِبْكَارِ﴾.
أوّلاً: التّعريف بأل، بالعشي والإبكار في آية آل عمران؛ يفيد العموم؛ أي: على الدّوام التسبيح الدائم.
وفي آل عمران الّذي يدعو هو الله سبحانه يدعو زكريا، وفي آية مريم زكريا الّذي يدعو قومه بالتّسبيح والذّكر فقال: بكرة وعشياً؛ أي: في هذين الوقتين، وليس على الدوام بصيغة التّنكير؛ فناسب التّعريف في حق الله تعالى، وناسب التّنكير في حق زكريا؛ لأنّ هناك فرقاً بين الرّب والعبد. ارجع إلى الآية (٤١) من سورة آل عمران؛ لمزيد من البيان.
ثانياً: في سورة مريم قال تعالى: بكرة وعشياً، قدم (بكرة) على (عشياً)؛ في سورة آل عمران قال تعالى: بالعشي والإبكار، قدم (العشي) على (الإبكار).