والّذي يتبادر إلى الذّهن: أنّه كان ينبغي أن يكون التّوكيد أشد لأخيهم؛ لأنّهم أساؤوا إليه، وألقوه في غيابة الجب، وليس لأبيهم، والحقيقة ما قالوه لأبيهم بعد فقدان يوسف، وما حدث له من جرّاء ذلك الحُزن، والأسف، وفقدان بصره، أهم مما حدث ليوسف، وذلك مما دعاهم إلى الاعتذار، والاعتراف بالخطيئة لأبيهم، والتّوكيد الشّديد له، مقارنة بالتّوكيد الخفيف لأخيهم.
﴿قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّى﴾: قال أبوهم يعقوب: سوف، ولم يقل سأستغفر لكم ربي؛ لأن السين تدل على الزّمن القريب، ولأن سوف: حرف استقبال تدل على البعد، والتّراخي في الزّمن؛ أيْ: بعد زمن، أو في المستقبل سوف أستغفر لكم ربي، ولكن ليس الآن، ولكن في المستقبل؛ تعني: أن يعقوب يريد أن يؤجِّل مسألة الاستغفار لهم؛ لكي يسأل ربَّه أن يغفر لهم على ما فعلوه من ذنب فيما بعد، وليس حين سألوه، والحكمة في ذلك: كي يندموا على ما فعلوا، ويشعروا بالذّنب، ويتوبوا توبة نصوحاً، وتدل على عمق الأثر الّذي في نفسه مما فعلوا به وبيوسف.