لأن الآية في سورة النساء جاءت في سياق نشوز الرجال، والإصلاح بين الزوجين، ومعاملة اليتيم، والمستضعفين من الولدان، وقوله: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ﴾: إذن السياق والحديث هنا عن القسط، والعدل، فناسب ذلك تقديم القسط؛ أيْ: كونوا قوامين بالقسط بين الأزواج، واليتيم، والمستضعفين من الولدان، وعند الصلح.
أمّا الآية في سورة المائدة: فسبقها ذكر ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾، والعهود، والدَّين، والمحرمات.
إذن جاءت في سياق العقود، والعهود، والمواثيق؛ فناسب ذلك الوفاء بما أمركم الله تعالى، وتجنب ما نهاكم عنه، ولذلك قدَّم قوامين لله؛ أيْ: بالوفاء بالعهود، والعقود، والمواثيق أولاً، وهو الأهم، وأخر القيام بالقسط.
وهناك فرق بين ﴿قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ﴾، و: ﴿شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ﴾: هناك فرق بين أن تكون أنت المتهم، أو الجاني؛ أي: المشهود عليه، كما في سورة النساء، وبين أن تكون أنت الشاهد، كما في سورة المائدة.