للانتفاع من التجارة ومنهم من خرج للهو. والضّمير في كلمة (إليها) يعود على التجارة أو اللهو، اللهو هنا هو استقبال العير بالطّبول والتصفيق والمزامير والغناء، أو تركهم الجمعة (الخطبة والصلاة) يعتبر عملاً يُلهي عن واجب، فهو يعتبر لهواً بحدِّ ذاته، ولم يقل إليهما؛ لأن خبر أحدهما يغني عن الآخر.
﴿وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾: أي على المنبر تخطب.
﴿قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ﴾: تكرار (من) مرتين؛ لفصل أحدهما عن الآخر: فصل اللهو من التّجارة وكلاهما معاً.
﴿قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ﴾: من الثّواب والجزاء كالجنة والنّعيم المقيم.
﴿خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ﴾: وما عند الله خير؛ أي: أفضل من اللهو، وتعريفه: هو ما يشغل الإنسان عن واجب أو ما يهمه، أو هو لعب يشغل عن واجب؛ أي: أفضل من سماع الطبول والمزامير والغناء، التي شغلتهم عن الصلاة إذا شغلتهم عن ذكر الله وعن الصلاة، وأفضل من التّجارة (البيع والشّراء).
﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾: والله سبحانه هو الرّزاق الحقيقي وغيره ليسوا رازقين حقيقةً؛ لأنّهم عرضة للموت والأغيار، ولكنّه سبحانه من كرمه وفضله أطلق عليهم هذه الصّفة التي هي صفة حقيقية ثابتة من صفاته.
وإذا نظرنا إلى الآية (١١) نجده في مطلع الآية قدّم التّجارة على اللهو فقال: (وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضّوا لها)؛ لأن التجارة كانت هي السبب الحقيقي للخرج من صلاة الجمعة لنزول الآية وليس اللهو.