للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحشر الثّاني فقد قيل: كان بعد غزوة خيبر، أو ربما يكون يوم القيامة، واللام في كلمة لأول للتوقيت، كقوله تعالى: ﴿لِدُلُوكِ الشَّمْسِ﴾ [الإسراء: ٧٨].

﴿مَا ظَنَنتُمْ﴾: أيها المسلمون أن بني النّضير يخرجون ويتركون ديارهم لعزتهم ومنعتهم، فقد كانوا أهل حصون ونخيل ومال.

﴿أَنْ يَخْرُجُوا﴾: أن للتعليل والتّوكيد.

﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ﴾: وظنوا، أي: بنو النّضير أن حصونهم تحميهم أو تقيهم من الله، أيْ: من بأس الله تعالى ونقمته؛ فتقدم الخبر (مانعتهم) على المبتدأ (حصونهم) يدل على شدة اعتمادهم حماية حصونهم لهم ونصرهم على المؤمنين.

﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا﴾: أيْ: جاءهم بأسه أو عذابه من حيث لم يخطر على بالهم لقوتهم أن يأتيهم من جهة محمّد وصحابته المؤمنين، وأنّهم قادرون على حصارهم لمدة (٢١) يوماً.

﴿وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾: القذف الإلقاء بقوة، أي: ملأ قلوبهم رُعباً، وخاصة بعد قتل سيدهم كعب بن الأشرف؛ والرعب: الاضطراب النفسي الناشئ عن أمر لم يكن متوقع أو منتظر، ويتمثل بمزيج من الخوف والشدة، ومحاولة الفرار، وإيجاد مخرج أو ملجأ.

﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِى الْمُؤْمِنِينَ﴾: لما أيقنوا بالجلاء، فقد كانوا يقلعون العمد والأبواب فيأخذونها معهم لكونها ثمينة، ولكي لا يسكن ديارهم أحد من المسلمين أو المؤمنين، فحاولوا تخريب منازلهم من الدّاخل وخرب المؤمنون ما تبقى من ديار بني النّضير.

﴿فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِى الْأَبْصَارِ﴾: اعتبروا مشتقة من العبرة، وهي الدّلالة الموصلة إلى الحق والعبرة، الحالة التي يُعبر منها من منزلة الجهل إلى منزلة العلم بمقارنة

<<  <  ج: ص:  >  >>