لا بُدَّ من العلم أنّ الآية السّابقة (٢٢) تتحدث عن مشركي قريش، الّذين زعموا أنّ الملائكة إناث، وأنّهم بنات الله، وأنهم يعبدونهم كما عبدهم آباؤهم، وهذه الآية (٢٣) تتحدث عن الأمم السابقة والمترفين الّذين كانوا قبل مجيء مشركي قريش.
﴿وَكَذَلِكَ﴾: أيْ: مثل ما قال مشركو قريش أو مكة: إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون، قال المشركون والمترفون السّابقون لرسلهم: إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون.
فما هو الفرق بين الّذين قالوا: إنا على آثارهم مهتدون؛ أي: مشركي قريش والعرب، والّذين قالوا: إنا على آثارهم مقتدون من جاء قبلهم من الكفار والمقربين.
الّذين قالوا: إنّا وجدنا آباءنا على أمة، وإنا على آثارهم مقتدون، أي: المشركون والمترفون من جاءوا قبل قريش، هؤلاء لا يدّعون الهداية لأنفسهم ولا لآبائهم، ولا تهمهم الهداية، وإنما يهمهم إلا التّرف والشّهوات والمعاصي بسبب ضلالتهم وشركهم، أما مشركو قريش أو مكة هم ومن جاء من آبائهم فهم يدعون باطلاً الهداية لأنفسهم وآبائهم، أيْ: أنّ آباءَهم كانوا مهتدين، وهم يقلدونهم، فهم أسوأ وأشد ضلالاً من المترفين الكافرين أو المشركين الّذين قالوا: إنّهم على آثار آبائهم مقتدون.