للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكيف به لو كان يجهر بالدّعوة إلى الله، فقد استخدم أسلوب المنطق والعقل حين قال: أتقتلون رجلاً؛ أن يقول: ربي الله، وإن يك كاذباً … أو يك صادقاً … إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب، وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (٣٤) في نفس السورة، وهي قوله: ﴿كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ﴾: نجد في الآية (٢٨) مسرف كذاب سبقها القول فعليه كذبه، وفي الآية (٣٤) مسرف مرتاب سبقها القول: ﴿فَمَا زِلْتُمْ فِى شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ﴾ ناسبها مسرف مرتاب.

سورة غافر [٤٠: ٢٩]

﴿يَاقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِى الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾:

ينتقل الرّجل المؤمن في دعوته إلى أسلوب العاطفة والحنان وأسلوب الإنذار والتّحذير في هذه الآية.

﴿يَاقَوْمِ﴾: نداء فيه العطف والرّحمة على قومه.

﴿لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾: اللام في لكم للاختصاص، الملك: لكم ملك مصر الواسع، اليوم؛ أي: في الدّنيا أو في هذا الزّمن.

﴿ظَاهِرِينَ فِى الْأَرْضِ﴾: غالبين في الأرض منتصرين على غيركم، يقال: فلان ظاهر على فلان؛ أي: غالب عليه.

﴿فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا﴾: فمن: الفاء للتوكيد، من استئنافية.

ينصرنا من بأس الله: من عذاب الله، أو يدفع عنا عذاب الله.

إن جاءنا: إن جاءنا بعد قتل هذا الرّجل، أو جاءنا بأس الله بسبب قتله فمن سيدفع عنا العذاب؟ أو إن شرطية تفيد الاحتمال والشّك، وجواب الشّرط محذوف؛ أي: لا أحد ينصرنا أو ينجينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>