والماعز، أيدينا: جمع يد، واليد فيها معنى القوة والقدرة، أنعاماً: ذكر الأنعام هنا خاصة؛ لأنّها أعزّ الأشياء عند العرب لأنّها تستخدم في السّفر والأكل واللبن والزّينة والانتفاع بها والتّجارة، فهي أهم ما يملكون في القديم.
﴿فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ﴾: الفاء للتوكيد، هم: للتوكيد، لها: تقديم لها للاهتمام بالأنعام، مالكون: اسم فاعل يدل على الثّبوت، ثبوت الملك لهم، ولم يقل فهم لها يملكون، تدل على التّجدد والتّكرار.
وإذا قارنّا هذه الآية من سورة يس: ﴿أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا﴾ وقوله في سورة النّحل الآية (٥): ﴿وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ﴾: نجد السّياق في سورة يس سياق تكريم أكثر مقارنة بسورة النّحل الّتي هي تعداد للنعم.
في الآية السّابقة قال تعالى: الأنعام خلقها لهم وملكها لهم، وفي هذه الآية يذكر أنه ذلّلها لهم، إذن من قدرته تعالى أنّه خلق وملّك وذلّل الأنعام.
﴿لَهُمْ﴾: اللام لاختصاص النّاس لخدمة النّاس.
التّذليل: يُحتاج إليه لتصبح الأنعام سهلة يقودها الصّغير والكبير، والتّذليل يفيد الرّكوب، ولولا التّذليل لكان من الصّعب الانتفاع منها.
﴿فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ﴾: الفاء: استئنافية للتفصيل، ومن: للتبعيض؛ أي: من الأنعام ما يُركب ومنها ما لا يُركب.
﴿وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ﴾: منها (من) بعضية، من بعضها تأكلون؛ أي: لا تأكلون كلّ أجزائها، فالجلد والعظام لا تأكلونه، أو: لا تأكلون كلّ الأنعام وإنما قسماً منها،