للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: الّذين لم يؤمنوا وكذبوا بالقرآن وبالرّسول وبما جاء من الحق، وجاء بصيغة الماضي "فزعوا" والمراد به الاستقبال؛ أي: كأن الأمر حدث وانتهى.

﴿فَلَا فَوْتَ﴾: الفاء تعليلية، لا النّافية، لا فوت: مصدر لفعل فات؛ أي: لا مهرب ولا نجاة لهم؛ لأنّ الإنسان قد يفزع: يخاف خوفاً شديداً من أمر ما ويستطيع الهرب منه والنّجاة أو ينقذه أحد، أمّا هؤلاء فلا مفر ولا ملجأ.

﴿وَأُخِذُوا مِنْ مَّكَانٍ قَرِيبٍ﴾: أخذوا إلى النّار سيقوا إلى جهنم مباشرة من مكان الحساب؛ أي: الحشر بدون تأخير. وحذف جواب الشّرط وتقديره: لرأيت الشّيء العجاب والأمر الهائل الّذي يحلّ بهؤلاء وليتصوّره كلّ فرد بما يتصوّره.

سورة سبأ [٣٤: ٥٢]

﴿وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَّكَانٍ بَعِيدٍ﴾:

﴿وَقَالُوا﴾: أي الكفار بعد "إذ فزعوا" ورأوا أن لا ملجأ لهم يومئذ وما لهم من نكير.

﴿آمَنَّا بِهِ﴾: به؛ أي بالله وبالبعث والحساب وبمحمّد وبالقرآن وبكلّ ما جاء من الحق، آلآن تؤمنوا ولم تؤمنوا في الدّنيا؟

﴿وَأَنَّى لَهُمُ﴾: أنى لها أربع معان: كيف تؤمنوا، ومن أين لهم الإيمان، والتّعجب، والسّعة في المعنى من كيف، لهم: اللام لام الاختصاص.

﴿التَّنَاوُشُ﴾: التّناول؛ أي: تناول الإيمان والتّوبة في الآخرة وقد فات الأوان؛ أي: زمن التّوبة والإيمان وبعدت دار الدّنيا دار التكليف.

التناوش: من: ناشه ينوشه نوشاً؛ أي: تناوله. ويقال: تناوش القوم بالرماح: تناول بعضهم بعضاً بالرماح فهم يريدون أن يتوبوا حينذاك ويؤمنوا (إيماناً سهلاً بدون جهد أو تكليف وفي الدّار الآخرة البعيدة عن الدّنيا).

فمثلكم كمثل الّذي رمى رمحاً إلى أبعد ما يمكن ولم يعد يقدر الوصول إليه؛ ليستعمله مرة أخرى، فلن ينفعهم إيمانهم أو توبتهم في الآخرة. وهناك من

<<  <  ج: ص:  >  >>