ومشاهدة آثار وديار الّذين جاؤوا من قبلهم فينظروا بأعينهم وببصيرتهم نظرة اعتبار، وهناك فرق بين يسيروا في فينظروا، أو ثم ينظروا، فينظروا: الفاء: تدل على المباشرة والترتيب، ثم: تدل على التراخي في الزمن؛ أي: يسيروا في الأرض لسبب ما مثل التجارة أو الدراسة وبعد ذلك يقوموا بزيارة الأماكن الأثرية التي تركها قوم عاد وثمود ولوط وفرعون وغيرهم.
﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾: كيف: استفهام، وتذكير العاقبة دائماً في القرآن تعني العذاب؛ أي: كيف كان هلاك وعذاب الّذين من قبلهم من الأقوام كقوم عاد وثمود ولوط وفرعون، ولم يقل كيف كانت؛ لأن تأنيث العاقبة يعني: العاقبة الحسنة في القرآن.
﴿كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾: كانوا أشد منهم؛ أي: من كفار قريش وغيرهم. أشد قوة في الجسم (البنية) والعدد والعتاد وطول العمر.
﴿وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا﴾: أي زرعوا الأرض وعمروها بالإنشاء والتعمير والبنيان، واتخذوا من الجبال بيوتاً وبنوا في كل ريع آيةً، والمصانع والقصور.
﴿وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا﴾: أي أكثر من عمارة أهل مكة.
﴿وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾: وجاءتهم، ولم يقل وجاءَهم، جاءتهم (تاء التأنيث) تدل على الكثرة، وجاءَهم بالتذكير تدل على قلة الرّسل.
رسلهم: جمع رسول مرسل من الله، ولم يقل رسلنا؛ لأن (رسلنا) تدل على شدة الأحكام والتكاليف.
بالبينات: الباء للإلصاق، بالدلائل والبراهين والمعجزات الدّالة على صدق نبوتهم، وعلى وجوب الإيمان بالله وحده وترك الشرك.