للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

﴿مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ﴾: من ابتدائية، محدث ولم يقل جديد؛ المحدث: لم يكن معروفاً من قبل، أو إيجاد شيئاً لم يكن، والجديد: فيه معنى الاستمرار للقديم؛ أي: حدث له تغير أو تجديد بأمر أو نهي أو تكليف.

﴿إِلَّا﴾: أداة حصر، عنه: تعود إلى الذكر.

﴿كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ﴾ معرضين: جمع معرض اسم فاعل من أعرض: أي: ابتعد عن ولم يتقبل ذلك أو يبالي به أو يهتم به، معرضين: جملة اسمية تدل على الثّبوت، أي: الإعراض صفة أو سمة ثابتة لهم مستمرة وقديمة. ولنقارن ما جاء في هذه الآية مع ما جاء في الآية (٢) من سورة الأنبياء، وهي قوله تعالى: ﴿مَا يَأْتِيهِم مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ﴾.

ففي سورة الشّعراء قال: ﴿مِنَ الرَّحْمَنِ﴾ ولم يقل: من ربهم كما في سورة الأنبياء؛ لأن المخاطب في سورة الأنبياء كفار مكة الّذين إذا قيل لهم: اسجدوا للرحمن قالوا: وما الرحمن فجاء ليذكرهم بأن الرحمن رغم كونه الرحمن فلا تغرنَّكم رحمته، فإنه قادر على يقهر أعناقكم فتظلوا له خاضعين، وأيضاً آية الأنبياء سبقها قوله تعالى: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ﴾ فيها تهديد ووعيد، فناسبها ذكر (من ربهم)؛ لأنه سبحانه رب العالمين، ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة: ٣]، وآية الشعراء سبقها قوله تعالى: ﴿إِنْ نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِنَ السَّمَاءِ آيَةً﴾ ولم يشأ سبحانه؛ لأنه (الرحمن).

سورة الشعراء [٢٦: ٦]

﴿فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاؤُا مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ﴾:

فقد: الفاء للتوكيد وقد للتحقيق والتوكيد أيضاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>