للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سبحانه، هو الّذي سمّانا المسلمين من قبل في الكتب السّماوية السّابقة، أو في الأمم السّابقة، أو من قبل نزول هذا القرآن.

﴿وَفِى هَذَا﴾: (في) ظرفية، (هذا) الهاء للتنبيه، (ذا) اسم إشارة للقرب؛ أي: وفي هذا القرآن سمّاكم المسلمين أيضاً ـ كما قلنا ـ هو يعود إلى الله سبحانه وليس إبراهيم؛ لأنّ الأفعال السّابقة المذكورة في هذه الآية كلّها راجعة لله تعالى؛ لقوله: (هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدّين من حرج)، أمّا من قال: إنّ الضّمير يرجع إلى إبراهيم: قول ضعيف، رجّح ذلك بحجّة أنّ الضّمير يرجع إلى أقرب مذكور؛ أي: إبراهيم.

﴿لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ﴾: ليكون الرّسول محمد شهيداً عليكم: اللام لام التّعليل، شهيداً عليكم: ولم يقل شاهداً عليكم، الشّهيد: صيغة مبالغة مقارنة بالشّاهد، ولذلك سمّى ربنا نفسه بالشّهيد. الشّاهد: يرى الشّيء أو الحادثة فيشهد بما يراه ويسمعه فقط، ولكن لا يعرف الملابسات والأسباب أو غيرها، أمّا الشّهيد: هو أكثر علماً من الشّاهد؛ يعلم خفايا الحادثة وكلّ صغيرة أو كبيرة. شهيداً عليكم؛ أي: على أمته شهيداً في الآخرة؛ أي: أنّه بلّغهم شرع الله، أو يشهد على أعمالهم.

﴿وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾: شهداء للأنبياء على أممهم يوم القيامة أنّهم قد بلّغوا رسالات ربهم، فيقول الله للأنبياء أو يقال لهم: من يشهد لكم؟ بعد أن تكذّبهم أممهم، فيقولوا: محمّد وأمته. فتقول الأمم: كيف عرفتم؟ فيقولون: علمنا ذلك بإخبار الله سبحانه لنا في كتابه وعلى لسان نبيه محمّد فإذا أخبرنا الله سبحانه في القرآن بشيء، يكون أفضل مما لو رأيناه بأمِّ أعيننا أو رأيناه بعين اليقين.

﴿عَلَى النَّاسِ﴾: وليس شهداء للناس، (على) تعني الفوقية على أعمالهم الّتي سيُحاسبون عليها سواء كانت أعمالاً صالحة أو سيئة، وأمّا شهداء للناس؛ أي: تشهدوا لخير النّاس فقط، وهذا غير صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>