قالت لها الملائكة: ﴿يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ [آل عمران: ٤٥]؛ فهي آنذاك لم تدرِ ما نوع البشارة، ولذلك قالت: ولد (أي: ذكر، أو أنثى).
﴿وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ﴾: لم: للنفي.
﴿يَمْسَسْنِى بَشَرٌ﴾: كناية عن النّكاح؛ أي: لم أتزوج؛ أي: تنفي عنها المس: النّكاح الحلال. والمس: هو اللمس الخفيف.
﴿وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا﴾: تكرار لم: يفيد توكيد النّفي؛ تنفي المس بأي وسيلة محرمة مثل: الزّنى، أو الغصب، وهذا يمثل نفي الخاص بعد العام، لم يمسسني بشر: للتوكيد على عدم الزّنى.
﴿بَغِيًّا﴾: فاجرة تبغي الرّجال؛ أي: زانية، أو يبغيها الرّجال للفجور، ولم يقل باغية، وقالت: بغياً: صيغة مبالغة تعني: ما قامت بالزّنى والفجور أبداً.
وأما باغية: تقوم بأشياء محرمة، ولم تبلغ درجة الزّنى؛ فهي قد نفت عن نفسها كلّ صور التقاء الذّكر بالأنثى.
وقولها: لم أكُ، ولم تقل أكن، أكُ: حذف النّون؛ لتدل على أنّها لم تكن في لحظة من لحظات تفكير بالبغاء، ولو بأيّ صوره، أو أشكاله.
أك: أشد وأبعد نفياً من أكن، وأكن أشد نفياً من أكونن، وحذف النّون قد يكون للإسراع، وإنهاء الكلام مع جبريل؛ فهي لا تعرفه، والموقف موقف حياء، وخلوة، وخوف، والأفضل قصر الكلام.