للعبادة، والخلوة، وقيل: للطهارة من الحيض؛ حتّى تغتسل، ثمّ تعود إلى بيت المقدس. والانتباذ الثّاني الّذي سنراه سيكون سببه الحمل بعيسى ﵇، ولماذا شرقياً؟ ولم يقل: غربياً، ولا شمالاً، ولا جنوباً؛ لأنّ جهة الشّرق شروق الشّمس هي قبلة النّصارى، وهم يتفاءلون، ويعظمون جهة الشّرق.
﴿حِجَابًا﴾: ساتراً يحجبها عن أهلها، وعن النّاس، والحجاب: هو السّاتر الّذي يحجب الإنسان عن غيره، ويحجب غيره عنه، وفي الآية السّابقة قال تعالى: ﴿انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا﴾؛ أي: ابتعدت، وانفردت أوّلاً بعيداً عن أهلها، ثمّ اتخذت أو لجأت إلى مكان يسترها حتّى لا يراها أحد، أو يطلع عليها؛ لأنّها قد تبتعد عن أهلها، وعن النّاس، ثمّ تلجأ إلى مكان مكشوف، أو غير مكين؛ فيمر أحد عليها فيراها؛ فهي حرصت على الابتعاد (الانتباذ)، واتخاذ الحجاب.
حجاب ساتر فقط، أو قد يكون حجاباً مستوراً؛ أي: حجاب مركب من طبقتين، أو أكثر.
﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا﴾: روحنا؛ أي: جبريل ﵇، ويسمى: روح القدس، وقوله تعالى: روحنا فيه تشريف لجبريل ﵇. والقرآن الكريم أيضاً سماه الله روحاً كما قال تعالى في سورة الشورى آية (٥٢): ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا﴾.