﴿أَنزَلْنَاهُ﴾: ولم يقل: نزلناه، بل أنزلناه؛ أي: جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدّنيا، والنّزول من مكان عالٍ إلى مكان أقل علواً؛ أيْ: من اللوح المحفوظ إلى السّماء الدّنيا، وكان ذلك في ليلة القدر، ثمَّ نزل بعد ذلك منجَّماً، وأنزلناه، والمنزول هنا منسوب إلى الله تعالى، وبصيغة الجمع؛ للتّعظيم، ولأهمية نزوله، ونزل به الرّوح الأمين، وفي الآية (٣) من سورة الزخرف قال تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ الجعل كان أو تم قبل الإنزال؛ أي: جعله ﷾ قرآناً عربياً، ثم أنزله كما هو قرآناً عربياً. ارجع إلى آية الزخرف لمزيد من البيان.
﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾: قرآناً: من كونه مقروءاً بلسان عربي مبين، ولكونه أنزل على محمّد ﷺ، وهو من العرب، وهناك من يدعي أن في القرآن كلمات أعجمية، أو أعجمي، أو غير عربي، فهذه الكلمات دخلت قبل الإسلام في العربية، وأصبحت عربية الاستعمال قطعاً، ولم يأت القرآن بكلمة أعجمية، فهو قرآناً عربياً بكامله.
﴿لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾: لعلَّ: للتعليل، لعلَّكم تفهمون معانيه، وتدركون الغاية، والحكمة من نزوله، وما يدعوكم إليه.
﴿نَحْنُ﴾: ضمير منفصل، والفاعل نحن للتعظيم تعود على الله سبحانه.
﴿نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ﴾: أحسن القَصَص بفتح القاف، وليس بكسر القاف؛ أيْ: أصدق القصص، أفضل القصص، والقَصَص بمعنى: السرد، ولا تعني جمع قِصة، وكلمة قَصَّ: تعني تتبع الخبر أو الأثر، وما حدث خطوة خطوة، وما يرويه الله سبحانه، أو يقصه علينا لا لبس فيه، ولا خيال وإنما بصدق،