﴿قَلِيلًا﴾: أي: قليل منكم شاكرون؛ أيْ: عدد الشاكرين قليل، أو شكركم قليل، أو كلاهما معاً، وكما قال تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣].
والشكر: من أعلى منازل العبودية، هذه العبودية التي تتجلى بظهور نعمة الله سبحانه على لسان عبده بالحمد، والشكر، والثناء، والاعتراف بالمنعم، وتتجلى على قلبه بمحبة بالمنعم، وعلى جوارحه خضوعاً وطاعة للمنعم.
وتحت مقام الشكر يندرج مقام المحبة، والرضا، ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه، ولا ننسى قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: ١١]، ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: ٧].
والشكر على المصائب؛ مثل: البأساء، والضراء، أشد وأصعب من الشكر على السراء، ﴿وَسَيَجْزِى اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٤٤]. ارجع إلى سورة الفاتحة؛ لمعرفة الفرق بين الحمد، والشكر، آية (٢).
﴿خَلَقْنَاكُمْ﴾: يعني: الخلق، تعني: التقدير، والحساب، والخلق بالنسبة لله من العدم، ويعني من تراب، أو من ذكر، أو أنثى، أو من آدم.
﴿ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾: التصوير: يعني حينما خلق الله سبحانه آدم وحواء؛ وضع في أصلابهما الصفات الوراثية لكل نسلهما إلى قيام الساعة، من بداية الخلق إلى آخر مخلوق، وهناك (٢٥ - ٣٠) ألف شفرة وراثية تعطي البشر ملامحهم،