رُءُوسِهِمْ﴾ يوم القيامة بسبب شعورهم بالذّل والخزي والحياء والنّدم لم يرفعوا رؤوسهم عند ربهم ونظروا إلى الأرض.
﴿رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا﴾: أبصرنا: البصر والبصيرة؛ أي: أيقنّا بعين اليقين لا شريك لك ولا ولي ولا شفيع إلا أنت، وأبصرنا صدق ما وعدتنا وعدلك وأنك الحق وكل ما دونك هو الباطل، أبصرنا ما كنا فيه من الضّلال والظّلم والخطأ. وفي هذه الآية قدم البصر على السمع، وكذلك قدم البصر على السمع في سورة الكهف؛ لأن السياق في هاتين الآيتين هو في الآخرة، أما في باقي الآيات وعددها (١٧) آية قدم السمع على البصر؛ لأن السياق في الدنيا. ارجع إلى سورة الملك آية (٢٣)، وسورة البقرة آية (٧) لمعرفة السبب ومزيد من البيان.
وسمعنا: سماع الأحياء لأول مرة بعد أن كنّا في الدّنيا نسمع سماع الموتى، سمعنا آياتك وما أنزلته على رسولك ولا نكذّب بالدّين، فقد كنّا عمياً وصمّاً.
﴿فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا﴾: الفاء للمباشرة، ارجعنا الآن، ارجعنا إلى دار الدّنيا لكي نعمل صالحاً.
﴿إِنَّا مُوقِنُونَ﴾: إنّا للتوكيد، موقنون: جمع موقن، من اليقين وهو العلم بالحق (الأمر الثّابت الّذي لا يتغير ولا يتبدل) والعلم بأنّه لا يكون غيره.
إنّا موقنون: أي أصبحنا نعلم حق اليقين أنّك أنت الحق وكل ما قلته ووعدته وأنزلته حق، موقنون: جملة اسمية تدل على محاولتهم الظّهور بمظهر الثّابت بالإيمان، ولم يستجب الله سبحانه لطلبهم وقال تعالى: ﴿وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الأنعام: ٢٨]، ولم يعد ينفعهم قولهم ومعذرتهم في ذلك اليوم.