للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّاسَ﴾ وإذا تدل على الكثرة، واستعمل (إن) مع السيئة فقال: ﴿وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ﴾ و (إن) تدل على القلة؛ لأن المصائب والسيئات التي يبتلي بها الله العباد أقل بكثير من النعم التي ينعمها الله على عباده.

ثانياً: لم يذكر السبب في إذاقة الرّحمة؛ لأن الرّحمة غالباً هي فضل وإحسان من الله على عباده والناس ليسوا أهلاً لها، وأما المصيبة فذكر العلة أو السبب (بما قدّمت أيديهم) حتى لا يظن أحد أن المصيبة أو السيئة تنزل بالعبد إلا بما قدّمت يداه وليس ظلماً.

سورة الروم [٣٠: ٣٧]

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾:

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا﴾: الهمزة للاستفهام والتقرير والإنكار، والواو في (أولم): للتوكيد والجمع، أو مطلقة. لم: للنفي والإنكار، معناه: نفي ودخول نفي على نفي فهو إثبات، فمعناها: فليروا أن الله يبسط. يروا: رؤية بصرية أو رؤية فكرية قلبية؛ وتعني: يعلموا؛ أي: أولم يعلموا؟! والعلم أوسع من الرؤية.

﴿أَنَّ﴾: حرف مصدري يفيد التّوكيد.

﴿اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ﴾: يبسط: يوسع ويغني أحداً من عباده ويقدر: يضيق ويفقر عبداً آخر، وفي كلا الحالتين الغنى أو الفقر فتنة وابتلاء للعبد، وقد تكون فتنة الغنى أشد من فتنة الفقر.

ارجع إلى سورة الرعد آية (٢٦) للمقارنة بالآيات المشابهة لهذه الآية وسورة سبأ آية (٣٦) وآية (٣٩).

﴿إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾: إن واللام في (لآيات) للتوكيد. آيات: بينات ودلالات واضحة على قدرة الله وعظمته، وأن الغنى آية من الآيات والفقر آية من الآيات، فالغنى يستوجب الشكر، شكر المنعم، والفقر يستوجب الصبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>