للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحقائق نفوسهم، ومعرفة مدى صلاحهم أو فسادهم وشدة تحملهم للتكاليف وصبرهم وصدقهم وكذبهم.

والفتنة أشد من الاختبار وأبلغ وتكون في الخير والشّر، فهي لا تذم ولا تمدح إلا بالنّتيجة، والفتنة تكون في الدّين والإيمان والمال والولد والشّهوات والشّبهات وغيرها.

ويفتنون: جاءت بصيغة المضارع؛ لتدل على أنّ الفتنة سوف تتجدد وتتكرر في حياة النّاس، والفتنة في القرآن لها معانٍ مختلفة منها: الاختبار والابتلاء، ومنها القتل والشّرك والحُجة وغيرها حسب السّياق.

سورة العنكبوت [٢٩: ٣]

﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾:

﴿وَلَقَدْ﴾: الواو عاطفة، لقد: اللام للتوكيد، قد: للتحقيق.

﴿فَتَنَّا﴾: من الفتنة، ارجع إلى الآية السّابقة (الفتنة أشد وأبلغ من الاختبار).

﴿الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾: من الأمم السّابقة فالفتنة سنَّة قديمة جارية على كلّ الأمم وبأنواع وأشكال مختلفة من الكوارث الجوية أو الجدب أو الفيضانات، أو المرض أو القتل. من قبلهم، ولم يقل قبلهم: (من) تفيد قرب الزّمن، و (قبلهم) لا يحدد قد يكون منذ زمن طويل أو بعيد أو زمن قريب.

﴿فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ﴾: الفاء للتوكيد، واللام والنّون لزيادة التّوكيد، فليعلمن الله: الله سبحانه يعلم منذ الأزل وقبل خلقهم من الّذين صدقوا ومن هم الكاذبون، وليس هو بحاجة لفتنتهم وإنما فتنتهم أو اختبارهم هو لإقامة الحُجة عليهم وليطّلعوا على نتيجة اختبارهم بأنفسهم؛ حتّى لا يدَّعوا يوم القيامة ويقولوا: ربنا لو فتنتنا لكنّا من الصابرين أو الصادقين أو من المجاهدين أو غيرها، فالله يفتنهم في الدّنيا ليريهم عاقبة أعمالهم في الدّنيا أو في الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>