﴿بَلِ افْتَرَاهُ﴾: بل للإضراب الانتقالي، أيْ: أنّ محمّداً شاعرٌ، والقرآن شعرٌ، ومفترى افتراه؛ أي: اختلقه محمد ﷺ؛ أي: كذباً.
﴿فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ﴾: فالقرآن كلّه وآياته لم تكفهم كآية كمعجزة من السّماء، فهم يطلبوا آية أخرى؛ أيْ: معجزة أخرى تدل على نبوَّة محمّد ﷺ، وأن القرآن منزل من عند الله، كما أرسل الأولون: الكاف للتشبيه، الأولون: أي: الأنبياء فليأتنا بآية مثل ناقة صالح، أو عصا موسى، أو مائدة عيسى.
يردُّ الله سبحانه على أسئلتهم ومطالبهم وقولهم: فليأتنا بآية، فيقول: ﴿مَا آمَنَتْ قَبْلَهُم مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا﴾: ما النّافية، آمنت قبلهم؛ (أيْ: مشركو قريش)، من استغراقية، قرية: أيْ: أهل قرية أهلكناها، وقوله: قبلهم؛ أيْ: سواء كانت قريبة الزّمن، أو بعيدة الزّمن ما آمنت ولا قرية واحدة أرسلنا إليها بآية أو آيات.
﴿أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ﴾: الهمزة استفهام إنكاري، أفهم أيْ: مشركو مكة، أو الكفار إن جاءتهم آية سيؤمنوا، فمن جاء قبلهم لم يؤمنوا رغم إرسال الآية أو الآيات، ولذلك أهلكناهم، وكذلك لو أرسلنا إليهم بآية ولم يؤمنوا لأهلكناهم، وكما قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِى ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [العنكبوت: ٥١].