للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

﴿زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾: تصديقاً ويقيناً زادتهم إيماناً على إيمانهم؛ أيْ: قوي إيمانهم؛ فهم في إقبال على الله .

﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾: وعلى: تقديم الجار والمجرور؛ يفيد الحصر؛ أيْ: لا يتوكلون إلا على ربهم وحدَه، يتوكلون: تعني: يقدِّمون الأسباب أولاً، ثم يطلبون منه العون؛ لتحقيق ما يرجون، فلا يطلبون إلا منه، ولا يرجون إلا إياه. ارجع إلى سورة الأعراف، آية (٨٩)؛ لمزيد من البيان.

لا بُدَّ من مقارنة ثلاث آيات متشابهة، هي:

الآية (٣) من سورة الأنفال: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾.

والآية (٢٨) من سورة الرعد: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.

والآية (٢٣) من سورة الزّمر: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِىَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾.

ففي آية الأنفال: ذِكرُ الله أدَّى إلى وجل القلوب، وفي آية الرّعد: ذكر الله أدَّى إلى اطمئنان القلوب، فكيف نفسر ذلك؟

أولاً: لا تعارض بين الآيتين؛ لأنّ الإنسان المسرف على نفسه، أو الظّالم لنفسه، والّذي يرتكب السّيئات يصبح يرجف ويخاف ربه حين يُذكر الله ووعيده؛ لأنّه خالف منهج الله فيصاب بالوجل مخافة منه، ومهابة الله وعقابه، أمّا الإنسان الّذي هو سابق بالخيرات، ولا يرتكب السّيئات؛ فحين يُذكر الله، أو آياته يصاب بالاطمئنان؛ فالمؤمن يمر بمراحل متعددة حسب إيمانه، قد يصاب قلبه بالوجل تارة؛ لشعوره بالتقصير، والخوف، والمهابة من الله، أو تارة أخرى بالاطمئنان؛ لعلمه بأن الله أرحم الراحمين، ويغفر الذنوب جميعاً، أو تارة أخرى

<<  <  ج: ص:  >  >>