للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر سلطنة الملك العادل سيف الدين سلامش ابن الملك الظاهر بيبرس الصالحي البندقداري (١)

وهو السادس من ملوك التُرك وأولادهم بالديار المصرية؛ وكان يُعرف بابن البدوية؛ تسلطن بعد خلع أخيه الملك السعيد، وكانَ لهُ منَ العُمر يومئذ سبع سنين ونصف (٢)، وكان جلوسه على سرير الملك في شهر ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وستمائة.

وكان القائم بتدبير ملكه المقر الأتابكي قلاون الألفي، فصَارَ يُخطب له وَالْعَادِلِ سَلامُ عَلى المنابر، وضربت السكة باسمه واسم العادل سلامش، ولم يكن للعادل سَلامُش في السلطنة إلا مُجرّد الاسم فقط، والأمر كله لقلاون.

وكان الأمير بيسري يُشارك قلاون في أمور السلطنة، لكنهُ كانَ مُغرما بحبّ الصيد والخروج إلى السرحات، وكان الأتابكي قلاون ضابط أمور المملكة، وهو يُمهد لنفسه في الباطن، وأخذ في أسباب تقريب المماليك البحرية، وأعطاهم الإقطاعات السنيّة، وأرسل بعزل النواب عن البلاد الشامية، وولى فيها من يثق به، ثم أَخَذَ في أسباب القبض على أعيان المماليك الظاهرية.

فلما بلغ مَقصوده واستحكم أمره خلع الملك العادل سَلامُش من السلطنة، أرسله إلى الكرك ومعه أخوه سيدي خضر، فأقاموا في الكرك إلى أيام الملك الأشرف خليل بن قلاون فتخيل منهما فأخرجهما من الكرك وَأمُهَاتَهُما مَعهُما، وأرسلهما إلى ثغر الإسكندرية صُحبة الأمير عز الدين أيبك الموصلي أستادار العالية، ثم أرسلهما من البحر المالح إلى القسطنطينية، فلما وصلوا إليها أحسن إليهم الأشكُري صاحب القسطنطينية، وأجرى عليهما ما يقوم بهما من النفقة.


(١) أخباره في بدائع الزهور ١/ ١/ ٣٤٦ - ٣٤٧؛ جواهر السلوك ١٢٧ - ١٢٨.
(٢) في النجوم الزاهرة ٧/ ٢٨٦: سبع سنين؛ وفي السلوك ١/ ٢/ ٦٥٦: "وأشهر".

<<  <   >  >>