للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الملك الظاهر بيبرس كثيرة، في عدة مجلدات، والغالب فيها موضوع، ليس له حقيقة، والذي أوردناه هنا هي الأخبار الصحيحة، التي ذكرها العلماء من المؤرخين" (١).

ومنها للأسباب المادية، فالكتب المختصرة تتميز بصغر حجمها مقارنة بالكتب الأصلية المطولة، فابن منظور حينما اختصر تاريخ دمشق لابن عساكر كان المختصر بنحو ربع الكتاب الأصلي (٢). والذهبي اختصر كتاب ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي بمقدار النصف (٣).

ومنها ما ذهب إليه ابن تغري بردي خوفًا أن يأتي من بعده شخص يقوم باختصار الكتاب فيخرج عن مضمونه (٤)، فيقول: "فقد خطر لي أن اختصر مصنفي المسمى بالنجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، وسميته الكواكب الباهرة من النجوم الزاهرة اختصارًا يكون لا بالطويل الممل، ولا بالقصير المقل، حذرًا من أن يختصره غيري فيستولي على المعتوب عليه باحمولة، ويحتوى على ما ضمنته فيه من الألفاظ الرشيقة وينحو على ترتيبه وفصوله، واقتديت في ذلك بجماعة من العلماء الأعلام والمؤرخين، وآخر من سلك منهم ذلك مؤرخ مكة العلامة تقي الدين، وقبله حافظ عصره أبو عبد الله الذهبي شمس الدين، وهو أنه اختصر مصنفه تاريخ الإسلام بكتاب سماه سير النبلاء، ثم اختصر سير النبلاء بالعبر في خبر من غبر، ثم اختصر العبر بمؤلف سماه الإشارة إلى وفيات الأعيان، وإذا نحو الذهبي أذهب، وإلى طريقته أرغب، غير أننى لم أختصر كتابي النجوم الزاهرة إلا مرة واحدة، وأضمن هذا المختصر، بترتيب ما في أصله وأشحنه بكل فائدة، على أننى ليس كالذهبي في علمه، ولا كثرة اطلاعه، وغزير فضله" (٥).

- تتداخل المختصرات مع أشكال أخرى من التأليف:

يقول د. كمال عرفات: "كان تلخيص نص معين يمثل في بعض الأحيان نقطة ارتكاز لتأليف نصوص جديدة تدخل تحت أشكال أخرى من التأليف (٦)، ومن هذه الحالات:


(١) بدائع الزهور ١/ ١/ ٣٤١.
(٢) انظر: كشف الظنون ١/ ٢٩٤.
(٣) انظر: كشف الظنون ١/ ٢٨٨.
(٤) وللأسف مما كان يخشاه ابن تغري بردي أصبح اليوم واقعًا فنرى المختصرات تملأ دور النشر الكبرى الرسمية منها والخاصة، وقد خرجت هذه المختصرات عن مضمونها التي أرادها مؤلفينها، وجاءت هذه المختصرات تحت مسميات عدة منها "تقريب التراث، مختصرات".
(٥) الكواكب الباهرة، ق ٢ أ- ق ب.
(٦) عبقرية التأليف العربي، ٢١٢.

<<  <   >  >>