للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر عود الملك الناصر حسن ابن الملك الناصر محمد بن قلاون (١)

وهي السلطنة الثانية، جلس على سرير الملك في يوم الإثنين ثاني شوال سنة خمس وخمسين وسبعمائة.

فلما تَمَّ أمره في السلطنة صَارَ المقر السيفي شيخُوا أَمير كبير عَلى عَادَتِهِ، وَصَارَ صاحب الحل والعقد في أيامه، وكانت عظمت شيخُوا في تلك الأيام؛ وَصَارَ الأمير صرغتمش رأس نوبة النوب، فاستمر شيخُوا وصرغتمش أَربَاب الحل والعقد في تلك الأيام.

فلما حضر الأمير طاز من الصيد، فقبض عليه الأمراء، وسجنُوهُ بالقلعة هُوَ وَأخوته ثم إن بعض الأمراء شفع فيهِ، فَأفرج عنه، وَأُخلع عليه واستقر نايب حلب، فتوجه إليها من يومه.

ثُمَّ دخلت سنة ست وخمسين وسبعمائة، فيها كملت عمارة المقر السيفي شيخُوا، وهي الخانقاة والجامع والحمامات والربوع، الذي بخط الصليبة، ثم قرر الشيخ الإمام العالم العلامة أكمل الدين الحنفي شيخ الخانقاة، وكان الشيخ أكمل الدين من أكابر الحنفية في عصره، وفيه يَقُولُ الشيخ شهاب الدين بن أبي حجلة:

شيخ تقدم في العُلُومِ لأنهُ … إِنْ عُدَّ أَربَاب الفضائل أَوَّلُ

ما قيلَ هَذَا كامل في ذَاتِهِ … إلا وَقَلتُ الشيخ عندي أكمل (٢)

ثُمَّ إِنَّ شيخُوا قَرَّرَ بِالخَانقاه حُضُور من بعد العصر، وَأَوْقَفَ عَليهَا وَعَلَى الجامع جهات كثيرة، وأشرط في وقفه أشياء كثيرة مِنْ بَرِّ وَإِحسَانٍ للصوفة (٣)، وَفِيهِ يَقُولُ شِهَاب الدين بن أبي حجله:


(١) أخباره في: بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٥٣ - ٥٨٠؛ جواهر السلوك ١٩٧ - ٢٠٣.
(٢) بحر الكامل؛ البيتان في: الردود والنقود شرح مختصر ابن الحاجب ١/ ٥٥. لم يرد ذكرهما في بدائع الزهور.
(٣) بدائع الزهور ١/ ١/ ٥٥٧ - ٥٥٨: الخبر في أحداث سنة ٧٥٧ هـ.

<<  <   >  >>