فعند ذلك أرسل الخليفة إلى الأمراء يقول لهم:"إيش أخر هذا الحال، وَمَا قصدكم"، فقالوا:"قصدنا يخلع نفسهُ مِنَ الملكِ ونرسله إلى الكرك من غير سجن".
فعند ذلك اجتمع الخليفة بالسلطان وذكر له ذلك، فأجابَ إِلَى الخُلع وَنزِلَ مِنَ القلعة، وحضر الخليفة والقضاة الأربعة، وشهدوا عليه بالخلع، وأرسلوه إلى الكرك من وقته، وكان المتسفر عليه الأمير بيدغان الركني المعروف بسم الموت، فسار به إلى الكرك، وذلك في ربيع الأول سنة ثمان وسبعين وستمائة.
فكانت مُدّة سلطنة الملك السعيد بالديار المصريّة سنتين وشهر وأيام.
ثم إنه أقام في الكرك إلى أوائل ذي القعدة من السنة المذكورة، فلعب بالأكرة (١) في ميدان الكرك فتقنطر بهِ مِنَ الفرس، فمات بعد أيام وكانت وفاته في حادى عشر ذي القعدة من السنة المذكورة، ودُفنَ هُناك مُدّة، ثُم نُقل إلى دمشقٍ، وَدُفنَ عَلى والده الملك الظاهر بيبرس.
وكان الملك السعيد ملكًا جليلا كريمًا سخيًا، كثير العدل في الرّعيّة، وَلَمَا خُلعَ الملك السعيد تولى منْ بَعده أخيه الملك العادل سلامش.
(١) لعبة الأكرة: وهي مزيج من رياضتي الفروسية والجولف، يقوم فيها الفارس من على ظهر الخيل بتحريك الكرة بالمضرب ومحاولة إسقاطها في الحفر المخصصة لها، تسمى اليوم بالبولو.