للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر سلطنة الملك المعز أيبك التركماني (١)

وهو أول ملوك الترك بالديار المصرية، تولى الملك في يوم السبت تاسع عشرين ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وستمائة، وركب بشعار السلطنة، وحملت على رأسه القبة والطير، ولعبوا قدامه بالغواشي الذهب.

فلما جلس على سرير الملك، واستقر في السلطنة، قالوا المماليك الصالحية: "لا بد لنا من واحد من بني أيوب نُسلطنه"، وكان المتكلم يومئذ في أمور المملكة الأمير بلبان الرشيدي، والأمير فارس الدين أقطاي، والأمير بيبرس البُنْدُقْدَاري، والأمير سنقر الرومي، وجماعة كثيرة من المماليك الصالحية؛ فأحضروا شخصا من ذرية بني أيوب، يقال له مظفر الدين يوسف من أولاد الملك مسعود صاحب بلاد الشرق، وكان عند عمَّاته في بلاد الشرق، فلما حضر سَلطنُوهُ ولقبوه بالملك الأشرف، وكان له من العمر نحو من عشرين سنة (٢).

ولما تسلطن يوسف المذكور لم يُعزل أيبك التركماني من السلطنة، بل صار يُخطب باسمهما على المنابر، وضربت السكة على الدراهم والدنانير باسمهما، فلم يسع أيبك إلا الإذعان في ذلك واستمر المعز أيبك في السلطنة ويوسف المذكور شريكه، إلى أن قويت شوكة المعز أيبك وأنشأ له مماليك، وأقام له عصبة، فحسن برأيه أن يقتل الأمير فارس الدين أقطاي، وكان رأس المماليك الصالحية، فاستدعاه وقت الظهر على أنه يذكر له شيئًا من أمور المملكة، وأكمن له كمينا وراء باب قاعة الأعمدة، وقرر معهم بأنه إذا مر عليهم يقتلوه من غير معاودة.


(١) أخباره في: بدائع الزهور ١/ ١/ ٢٨٨ - ٢٩٦؛ جواهر السلوك ١١٠ - ١١٢.
(٢) في: البداية والنهاية ١٧/ ٣٠٨: "ابن عشر سنين"، وكذلك في النجوم الزاهرة ٧/ ٥؛ والسلوك ٣٦٩/ ٢/١: "وله من العمر نحو ست سنين"؛ وفي بدائع الزهور ١/ ١/ ٢٨٩: "وكان له من العمر نحو عشرين سنة".

<<  <   >  >>