ذكر سلطنة الملك الناصر شهاب الدين أحمد ابن الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور قلاون (١)
وهو الخامس عشر من ملوك الترك وأولادهم بالديار المصرية؛ وهو الثالث من أولاد الناصر محمد بن قلاون، تسلطن بعد خلع أخيه الأشرف كجك، في يوم الإثنين عاشر شهر شوال سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة.
فلما جلس على سرير الملك، وقع منه أمور لا تقع إلا ممن أصيب في عقله، وذلك أن الأمير طشتمر حمص أخضر نائب حلب، لما حضر معه من الكرك، وكان سببا في سلطنته، فلما حضر إلى الديار المصرية، أخلع عليه واستقر به نائب السلطنة بمصر، واستقر بالأمير قطلوبغا الفخري نائب دمشق؛ وأخلع على الأمير علائي الدين أيدغمش واستقر به نائب حلب، فلم يقم في السلطنة سوى ثلاثة وثلاثين يوما، وقبض على الأمير طشتمر حمص أخضر وقيده، وكان ذلك من جملة عكس الناصر أحمد، ثم أرسل نحو ألف فارس إلى قطلوبغا الفخري الذي استقر به نائب دمشق، وأمرهم بالقبض عليه.
فلما كان يوم الإثنين سلخ ذي القعدة، فخرج السلطان الملك الناصر أحمد من الديار المصرية في طائفة من العسكر قاصدا نحو الكرك، ومعه أموال جزيلة أخذها من الخزائن السلطانية، وأخذ معه من التحف أشياء كثيرة، وتوجه إلى الكرك، فدخلها في يوم الثلاثاء ثامن ذي الحجة، وأخذ معه الأمير طشتمر حمص أخضر وهو مقيد [٥٨/ ١] في محفة، ولما وصل ذلك العسكر الذي أرسلهم إلى دمشق فقبضوا على قطلوبنا الفخري، وأحضروه إلى الكرك فأعتقله هو وطشتمر حمص أخضر في قلعة الكرك.
ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة، فيها: في خامس المحرم كتب الأمراء الذين بمصر كتابا إلى السلطان الملك الناصر أحمد، وهو بالكرك بأن