للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك نذكر اختصار المؤرخ عبد الواحد المراكشي كتابًا يحوي بعض أخبار المغرب وخصوصًا ملوك المصامدة بني عبد المؤمن، وذلك استجابة لطلب وزير الخليفة العباسي الناصر لدين الله "مؤيد الدين أبو الحسن القمي"، وإذ جاء في مقدمة المختصر قوله: "أيها السيد الذي توالت علي نعمه … فإنك سألتني … إملاء أوراق تشتمل على بعض أخبار المغرب وهيئته وحدود أقطاره، وشيء من سير ملوكه، وخصوصًا ملوك المصامدة بني عبد المؤمن، من لدن ابتداء دولتهم إلى وقتنا هذا - وهو سنة ٦٢١ - وأن ينضاف إلى ذلك نبذة من ذكر من لقيته، أو لقيتُ من لقيه، أو رويتُ عنه، بوجه ما من وجوه الرواية، من الشعراء والعلماء وأنواع أهل الفضل؛ فلم أر بُدًّا من إسعافك والمسارعة إلى ما فيه رضاك؛ إذ هي الغاية التي أجري إليها، والبغية التي أثابر أبدًا عليها؛ ولوجوب طاعتك عليَّ من وجوه يكثر تعدادها" (١).

خامسًا: ضعف الهمم:

شكل ضعف الهمم لدى طلبة العلم دافعًا في التوجه نحو تأليف المختصرات ولم يكن ذلك وليد القرنين السابع والثامن الهجريين، وإنما يعود لحقب متقدمة إذا يمكن أن نلمح ذلك في موقف الطبري من تلامذته حينما حاول استنهاض هممهم بقوله: " قال: حدثنا القاضي أبو عمرو عبيد الله بن أحمد السمسار وأبو القاسم بن عقيل الوراق، أن أبا جعفر الطبري قَالَ لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ فقال: ثلاثون ألف ورقة.

فقالوا: هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة.

ثم قال: هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا؟ قالوا: كم قدره؟ فذكر نحوا مما ذكره في التفسير فأجابوه بمثل ذلك، فقال: إنا لله ماتت الهمم" (٢).

سادسًا: أسباب أخرى:

هي أسباب خاصة بالمؤلفين أنفسهم نذكر منها تنقية الكتب المطولة من الأخطاء والاستطرادات ومنها قول ابن إياس في كتابه (بدائع الزهور) يقول: "قلت: وأخبار


(١) المعجب في تلخيص أخبار المغرب ١١.
(٢) تاريخ بغداد ٢/ ٥٤٨.

<<  <   >  >>