للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أولا: مهارة التأليف]

تبرز مهارة التأليف في المختصرات أكثر منه في المطولات، فالاختصار يدل على تمتع المؤلف بقدرات بلاغية ومهارة فنية، وقد أكد حاجي خليفة أن الكتب المختصرة تكشف عن مهارة المؤلف: "فأنه لجودة ذهنه، وحسن عبارته يتكلم عن معان دقيقة بكلام وجيز كافيًا في الدلالة على المطلوب" (١)، ولعل هذا السبب كان دافعًا رئيسيًا ومهما في الإقدام على تأليف المختصرات.

وقد حقق الذهبي مكانة مرموقة ونال استحسان وثناء العلماء لتمييزه بكثرة التأليف، والبراعة في تأليف المختصرات، فقيل عنه: " … جمع الكثير ونفع الجم الغفير وأكثر من التصنيف ووفر بالاختصار مؤنة التطويل في التأليف" (٢)، فالاختصار ليس بالعمل الهين إذ بإمكان جميع المؤلفين أن يقوموا بتأليف كتب مطولة، ولكن عدد قليل منهم من يمتلك القدرة على تأليف المختصرات لأن الاختصار يتطلب بلاغة وقدرة على التعبير، كما يتطلب وقتا ودقة وصبرًا.

ثانيًا: سهولة الحفظ:

إن الكتب المطولة والمسهبة أصبحت تشكل صعوبة أمام طلبة العلم ولا سيما المبتدؤون منهم، وكذلك عموم الناس في متابعة الدرس والقدرة على الحفظ، وهذا حمل طائفة من المؤلفين على الاختصار إما بدافع شخصي أو بتكليف وطلب من طلبة العلم أو أحد العلماء لأجل تسهيل الحفظ.

وقد قسم حاجي خليفة المؤلفين المعتبرة تصانيفهم إلى فريقين: الفريق الثاني منهم وصفهم: "من له ذهن ثاقب، وعبارة طلقه، طالع الكتب فاستخرج دررها وأحسن نظمها، وهذه ينتفع بها المبتدؤون والمتوسطون" (٣).

وفي هذا الغرض قام بعض العلماء بالاختصار، منهم:


(١) كشف الظنون ١/ ٣٥.
(٢) الوافي بالوفيات ٢/ ١١٥.
(٣) كشف الظنون ١/ ٣٨.

<<  <   >  >>