للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتوجه إلى البحيرة هو وجماعة من الأمراء، بسبب فساد عربان البحيرة، وقد تقدم ذكر ذلك.

فلما مر السلطان من على الأمير طومان باي فخرج إليه مسرعًا، وعزم على السلطان، فلم ينزل عنده، فأخرج إليه بجفنة فيها لبن فأكل السلطان منها وهو راكب على فرسه، فلم يشعر إلا وقد خرج عليه كمين من الخيام، وهم جماعة من مماليك أبيه نحو أربعين إنسانًا (١)، وهم لابسون آلة الحرب، فعاجلوه بالحسام قبل الكلام، وأذاقوه كأس الحمام، فقتل السلطان الملك الناصر محمد بن الملك الأشرف قايتباي في ذلك اليوم، وهو يوم الأربعاء بعد العصر خامس عشر ربيع الأول سنة أربع وتسعمائة، وذلك في أرض الطالبية، وقتل معه أولاد عمه قيت، وهما: جانم وأخيه، وجُرح من السلحدارية الذي (٢) كانوا مع السلطان واحد، وصار السلطان مرمي هو ومن قتل معه في أرض الطالبية حتى أن شيخ الناحية أخذ جثة السلطان، ومن قُتل معه، وأدخلهم في مسجد هناك، فباتوا فيه تلك الليلة.

فلما قتل السلطان وجاءت الأخبار إلى القاهرة بعد المغرب فماجت الناس قاطبة، ولبس العسكر آلة الحرب.

فلما أصبحوا يوم الخميس سادس عشر ربيع الأول اشتوروا العسكر فيمن يُولُوهُ السلطنة فاجتمع الأمراء والعسكر، وتوجهوا إلى بيت المقر السيفي قانصوه خال السلطان، ثم إن خال السلطان أرسل إلى بر الجيزة توابيت وأحضروا جثة السلطان، ومن قتل معه في الطالبية، فلما حضروا بهم أدخلوا جثة السلطان إلى بيت أبيه الملك الأشرف قايتباي الذي أنشأه بالقرب من حمام الفارقاتي، فغسلُوهُ هُناك هو وأولاد عمه، وكفنُوهُم، وصلوا عليهم في باب الوزير، وتوجهوا بهم إلى تُربة السلطان قايتباي، فدفنوا الملك الناصر على أبيه داخل القبة، ودفنوا أولاد عمه إلى جانبه داخل القبة.


(١) في بدائع الزهور ٣/ ٤٠١: "خمسين مملوكًا".
(٢) كذا في الأصل، والصواب "الذين".

<<  <   >  >>