للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان الملك الناصر بهي الوجه، مليح الشكل، أبيض اللون، عربي الوجه، رقيق البشرة، قصير القامة، لم يخط عذاره، ومات وله من العمر نحو سبع عشرة سنة، ولولا أفعاله القبيحة لكان خيار أبناء الملوك، وكان عنده الكرم الزائد مع الجهل العظيم، وكان مقبول الشكل بهي المنظر غير محبب إلى الناس من أفعاله القبيحة، كما تقدم، ولما مات رثيته بهذه الأبيات، وهو قولي مع التضمين في ذلك:

يا قبر لا تظلم عليه فطالما … جلي بطلعته دجى الإظلام

عجبًا (١) لقبر قد حواه كيف لا … يحكى السماء وفيه بدر تمام (٢)

فكانت مدة سلطنته بالديار المصرية سنتين وثلاثة أشهر وتسعة عشر يوما.

وكانت أيامه أشر أيام بما وقع فيها من المماليك في حق الرعية من القتل والنهب، كما تقدم ذلك في أخباره، ولم يكن قصد والده الملك الأشرف قايتباي أن يتسلطن ابنه من بعده، فأنه لم يعهد إليه بالسلطنة عند الموت، وكان قصده أن يجعلوه مثل أولاد الملوك الذين بالقاهرة فما وافق مماليك أبيه على ذلك، ولا زالوا حتى سلطنوه، ثم قتلوه أشر قتلة، وكان الملك الناصر ظالمًا بهذه الأفعال التي تقدم ذكرها، وكانت الرعية يكثرون من الدعاء عليه فبموجب ذلك جرى له ما جرى.

ولما قتل الملك الناصر تولى من بعده المقر السيفي قانصوه الدوادار خال السلطان، كما سيأتي أخبار دولته في الجزء الثالث من التاريخ المسمى بعقود الجمان في وقائع الأزمان، انتهى الجزء الثاني من ابتدأ دولة الأتراك إلى قتلة الملك الناصر محمد بن الملك الأشرف قايتباي، وذلك على سبيل الاختصار، يتلوه الجزء الثالث في أخبار دولة الظاهر قانصوه، ومن جاء من بعده إلى ما سيأتي من الحوادث من بعد ذلك.


(١) في بدائع الزهور ٣/ ٤٠٣ وجواهر السلوك ٣٩٩: "طوبي".
(٢) بحر الكامل.

<<  <   >  >>