للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سلطاننا الناصر المفدى … أخباره نقلها صحيح

بالجهل أضحى قبيح فعل … فلم يُقد شكله المليح (١)

فلما كان يوم السبت حادي عشر ربيع الأول فيه عمل السلطان المولد الشريف، فلم يطلع إليه أحد من الأمراء سوى الأتابكي أزبك، والأمير تاني بك الجمالي أمير سلاح، وبعض أمراء من العشراوات والقضاة، ولم يطلع الأمير قانصوه خال السلطان، ولا أحد من الأمراء.

فلما أنفض أمر المولد أراد الأتابكي أزبك، والأمراء أن ينزلوا إلى بيوتهم، فقاسوا من المماليك الذي في الطباق ما لا خير فيه من الرجم وغيره، فما نزلوا إلا بعد جهد كبير.

ثم إن السلطان لما أنفض أمر المولد نزل في يوم الإثنين ثالث ربيع الأول إلى نحو قناطر العشرة، التي ببر الجيزة، وذلك على سبيل التنزه، وكان ذلك في أواخر النيل فأخذ معه ما فضل من احتياج المولد، ونصب له هناك وطاق عظيم، وعدى إلى بر الجيزة في يوم الإثنين المذكور، وكان معه أولاد عمه قيت، وهُما: جانم وأخيه، وبعض جماعة من الخاصكية والمماليك ولم يكن معه من الأمراء المقدّمين أحد، فأقام هناك من يوم الإثنين إلى يوم الأربعاء وهو في أرغد عيش من اللهو [٢٥٩/ ١] والانشراح، وأحضر هناك مغاني عرب، وخيال ظل، وخرج في الفتك عن الحدّ في تلك الأيام، فكان كما قال القَائِلُ:

تزود من الدنيا فإنك لا تدرى … إذا جن ليلك هل تعيش إلى الفجر؟

فكم من صحيح مات من غير علة … وكم من عليل عاش حين من الدهر

وكم من فتى يمسي ويصبح ضاحكاً (٢) … وقد نسجت أكفانه وهو لا يدرى (٣)

ثم إن السلطان في يوم الأربعاء صلى العصر وقصد بأن يتوجه إلى القلعة، وكانت ليلة الجامكية، فلما خرج من الوطاق، وقصد أن يعدى، فمر من على الأمير طومان باي الدوادار الثاني، وكان برز خيامه في الطالبية، وقصد أن


(١) بحر مخلع البسيط.
(٢) في بدائع الزهور ٣/ ٤٠١: "آمنا".
(٣) بحر الطويل.

<<  <   >  >>