للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فندبوا (١) لذلك المقر السيفي قانصوه خال السلطان، والقاضي ناصر الدين الصفدي وكيل بيت المال، فكتبوا قوائم بأسماء جماعة من الأعيان، منهم: القاضي كاتب السر بدر الدين ابن مزهر، والقاضي شهاب الدين ناظر الجيش، والقاضي علائي الدين ابن الصابوني ناظر الخاص، والقاضي صلاح الدين ابن الجيعان نائب كاتب السر، ومباشرين الأسطبل السلطاني، ومباشرين الزردخاناة، وكتاب المماليك، وجماعة من أعيان المباشرين، حتى قضاة القضاة الأربعة، وأعيان الناس، وأعيان التجار، ومعلم المعلمين الجناب الزيني حسن ابن الطولوني، ومحتسب القاهرة، والوالي، حتى طائفة اليهود والنصارى، وكانت هذه المصادرة عامة على أعيان الناس.

والذي حصل في هذه السنة من الحوادث لم يحصل في غيرها من السنين الماضية، [٢٥٧/ ١] وذلك أن الغرامة التي جاءت على ابن الطولوني وزعها على جماعة من البنائين، والنجارين، والمرخمين، وأرباب الصنائع، والغرامة التي جاءت على المحتسب وزعها على جماعة من الزياتين، والطحانين، والسوقة، وكذلك فعل الوالي وزع ما جاء عليه على الخفرة، وأرباب الأدراك، ومعلمين الحبوس، فكانت هذه المصادرة عامة على الناس وحصل بذلك الضرر الشامل.

وصار الأمير قانصوه يطلب الناس بالرسل الغلاظ الشداد وكل من امتنع يكبسون بيته حتى يظهر وصار يحمي خود حديد على النار، ويحضر المعاصير والكسارات حتى يخيف الناس، فاستخرج من الناس هذه التوزيعة في أسرع مدة، فلما كملت هذه المصادرة حمل ذلك المال إلى السلطان فنفقه على المماليك فكثر الدعاء على الملك الناصر بسبب ذلك وغيره من أفعاله الشنيعة، كما تقدم.

وقد اجتمع في هذه السنة من الحوادث ما لا اجتمع في غيرها من السنين، وذلك أن الملك الناصر كان طائش العقل، صغير السن، يحب سفك الدماء، وقد جاروا المماليك في أيامه على الرعية، كما تقدم من النهب والقتل، وقد زاد شر العربان في البلاد الشرقية والغربية، ووقعت هذه المصادرة بالديار المصرية، واجتمع فيها الوباء، والغلاء، واضطربت أحوال البلاد الشامية والحلبية، بسبب توجه الأمير أقبردي إليها، كما قد تقدم ذكر ذلك، فكان كما قيده:


(١) في الأصل "فنذبوا".

<<  <   >  >>