للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قل للوباء أنت والمماليك (١) … جاوزتما الحد في النكاية

ترفقا بالوري قليلا … في واحد منكما كفاية (٢)

ولما كان رابع عشر شوال من هذه السنة حضر إلى القاهرة خاصكي من حلب، وأخبر بأن الأمير كرتباي الأحمر، والعسكر لما وصلوا إلى حلب في طلب الأمير أقبردي الدوادار، فوقع بينهم وبين العسكر الذي مع أقبردي وقعة عظيمة، فانكسر أقبردي في مكان بالقرب من حلب، فلما انكسر عدى من الفرات إلى البيرة، فأقام بها، وقد قتل في هذه المعركة جماعة ممن كان مع الأمير أقبردي، منهم: أينال نائب حلب، وكان من عصبة الأمير أقبردي، وقتل ابن علي دولات، وجماعة كثيرة من المماليك السلطانية ممن كان الأمير أقبردي فأحضروا رؤوس من قتل في هذه الوقعة إلى القاهرة، وطافوا بهم في المدينة، وهم على أرماح ثم علقوا الرؤوس على أبواب المدينة، وكان عدة الرؤوس التي حضرت إلى القاهرة واحدًا وثلاثين رأسًا، وكان لهم يوم مشهود.

وفي أواخر هذه السنة: خرج المقر السيفي قانصوه الدوادار خال السلطان إلى نحو الشرقية والغربية، وسرح في البلاد لتمهيدها، ثم رجع إلى القاهرة، فكانت مدة غيبته في هذه السرحة أحد وعشرين يوما.

فلما عاد إلى القاهرة دخل في موكب عظيم وزينت له المدينة، فطلع إلى القلعة، ولبس خلعة عظيمة، فلما نزل إلى بيته أحاط به المماليك في الرملة، وعينوا له القتل، وقالوا له: "أطلب لنا من السلطان نفقة بسبب هذه النصرة التي حصلت للسلطان على أقبردي"، فقال لهم: "نعم، حتى أشاور السلطان على ذلك".

فلما كان يوم الإثنين خامس عشرين ذي الحجة من سنة ثلاثة وتسعمائة، فيه: وثب المماليك على السلطان الملك الناصر، بسبب النفقة، فطلع الأتابكي أزبك إلى القلعة، هو وبقية الأمراء وضربوا مشورة، بسبب هذه النفقة، ثم تقرر الحال على أن ينفق على المماليك لكل مملوك خمسين دينارًا، فتراضوا على ذلك وخمدت هذه الفتنة.

ثم إن السلطان شكى إلى الأمراء بأن لم يكن في الخزائن من الأموال شيء، فاشتوروا في ذلك، وقالوا: "وزعوا هذه النفقة على المباشرين، وأعيان الناس"،


(١) في بدائع الزهور ٣/ ٣٨٩: "أقول للطعن والمماليك".
(٢) بحر مخلع البسيط؛ والأبيات منتحلة. (انظر: وفيات الأعيان ٤/ ٤٣٧).

<<  <   >  >>