للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما ظهر أخلع عليه واستقر به أمير سلاح على عادته عوضًا عن كرتباي الأحمر لما بقى نائب الشام.

ثم إن السلطان أفرج عن الأمير مصرباي وكان بالسجن بثغر الإسكندرية لأنه كان من عصبة الأمير أقبردي.

ثم ظهر الأمير أبا يزيد الصغير، والأمير قنبك أبو شامة، وجماعة كثيرة ممن ركبوا مع الأمير أقبردي، فلما ظهروا وطلعوا إلى القلعة، أراد السلطان أنه ينشئ له عصبة، فعين الأمير مصرباي أمير أخور كبير، وعين الأمير أبا يزيد الصغير دوادار ثاني، وعين الأمير قنبك أبو شامة نائب القلعة.

فلما بلغ الأمراء والمماليك بأن السلطان قد عين هذه الوظائف إلى هؤلاء الأمراء، فركبوا، وأثاروا فتنة كبيرة بالقلعة، وقتلوا الأمير أبا يزيد الصغير فوق القلعة، فنزلوا بجثته على حمار؛ وأما الأمير مصرباي هرب هو والأمير قنبك أبو شامة، ونزلوا إلى المدينة واختفوا، وكانت فتنة أشد من الأولى واستأنفت فتنة أخرى.

ثم إن المماليك نزلوا إلى المدينة ونهبوا بيوت جماعة كثيرة ممن كانوا من عصبة الأمير أقبردي، وكانت هذه الفتنة في يوم الخميس حادي عشر جمادى الأول من سنة ثلاث وتسعمائة.

فعند ذلك طلع الأتابكي أزبك إلى القلعة، والأمير تاني بك الجمالي أمير سلاح، ولاموا السلطان على هذه الأفعال التي يفعلها، والرهج الذي يرهجه، ثم خمدوا هذه الفتنة بعد ما كانت قد اتسعت وصارت فتنة عظيمة.

ثم إن المماليك لما تزايد جورهم في حق الناس، وحصل منهم في هذه السنة غاية الضرر من كل وجه من القتل والنهب، وأخذ أموال [٢٥٦/ ١] الناس بالظلم، فأرسل الله عليهم الطاعون في تلك السنة، وكان مبتدأه من جمادى الآخر واستمر يسلسل إلى شهر شوال فمات فيه جماعة كثيرة من المماليك والعبيد، والجوار، والأطفال، والغرباء، ومات به من الأمراء الأمير جان بلاط الغوري رأس نوبة النوب، والأمير صنطباي المبشر، وجماعة كثيرة من الأمراء والمماليك، وصار الفصل عمال والمماليك لا يرجعون عن أذاهم وجورهم في حق الناس، وقد قلت في ذلك:

<<  <   >  >>