للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد عَهِدتُ النيل سنيا يرى عُمرًا ويتبع أمره تسديدا … والآن أضحى في الوَرَي مُتشيّعًا مُتوقفا ما أن يحب يزيدا (١)

ثم إن السلطان أرسل يستفتي الشيخ أمين الدين الأقصراي الحنفي في ذلك، فأفتى الشيخ أمين الدين بأن جميع بني العباس من رجال ونساء وصغار، يضعون شيئًا من الماء في أفواههم، ويصبونه في إناء، ثم يلقونه في بحر النيل، ففعلوا ذلك وأوفى وثبت إلى أواخر توت (٢).

ومن الحوادث في أيامه أيضًا: أن الشمس كُسِفت كسوفًا عظيمًا وقت الظهر، وأظلمت الدنيا، وأَقَامَتْ مكسوفة نحو ساعة حتى انجلت (٣).

ثم إن الملك الظاهر خُشقدم أقام في السلطنة إلى سنة ثمان وستين وثمانمائة، ففي هذه المدة: عُظم أمر المقر السيفي جاني بك نائب جدة الدوادار الكبير، والتفت عليه الظاهرية وصار يركب في موكب عظيم، وقدامة الأمراء والخاصكية حتى يُوصلونه إلى بيته، فثقل أمره على الملك الظاهر خشقدم وخشي منه.

فلما كان يوم الثلاثاء رابع ذي الحجة من السنة المذكورة طلع جاني بك إلى القلعة وقت صلاة الصبح هو والأمير تنم رصاص المحتسب، فخرج عليهما جماعة من المماليك الأجلاب من مماليك الظاهر خشقدم، فقتلوا الأمير جاني بك الدوادار، والأمير تنم رصاص المُحتسب في اليوم المذكور عند باب الجامع الذي بالقلعة عند باب القلة، فقتلوا هناك أشر قتله (٤).

فلما طلع النهار غسلوهُما، وكفنوها، وصلوا عليهما، ودُفن الأمير جاني بك في تُربته التي عند الشيخ عدي بن مُسافر (٥).

وكان الأمير جاني بك نائب جدّة أميرًا عظيمًا، مَليًا، مولعًا بغرس الأشجار، كثير التنزه وهو الذي أنشأ القبة والغيط التي في منشية المهراني.


(١) بحر الكامل؛ البيتان لابن مماتي. (انظر: الغيث المسجم في شرح لامية العجم م ٢/ ٧٥).
(٢) في بدائع الزهور ٢/ ٣٩٦ وجواهر السلوك ٣٤٣: آخر مسرى".
(٣) في بدائع الزهور ٢/ ٤٠٥: الخبر في أحداث سنة ٨٦٧ هـ.
(٤) الخبر في بدائع الزهور ٢/ ٤٠٨: في أحداث سنة ٨٦٧ هـ.
(٥) وهي خارج القرافة الصُّغْرَى الْمَشْهُورَة الآن بزاوية القادرية. (انظر: الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ٣/ ١٢٥).

<<  <   >  >>