للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما توجه إلى الشام أرسل السلطان إلى نائب قلعة الشام بأن يرمي عليه، وهو في دار السعادة، فأرمي عليه فخرج من دار السعادة وهو هارب واستمر هاجج في البلاد إلى أن قُتلَ هناك، ولما هَربَ جانم نائب الشام، أخلع السلطان على خُشُدَاشه المقر السيفي تنم المؤيدي واستقر به نائب الشام، وذلك في أوائل دولته عُوضًا عنْ جَانم، فأقام بها إلى أَنْ مَاتَ هُناك. وأما جانم نائب الشام، قيل: أن فداوي قتله، وقتل الفداوي أيضا بعده.

ثم إن السلطان بعد مُدّة يسيرة قبض على جَماعةٍ مِنَ الأمراء الأشرفية، منهم الأمير جاني بك الظريف، والأمير جاني بك المشدّ، وَخَالَ الملك العزيز الأمير بيبرس، وَجَماعةٍ من الأمراء الأشرفية، فقبضوا عليهم في وسط القصر الكبير، وقيدوهم ثم أرسلوهم إلى السجن بثغر الإسكندرية.

ثم بعد مدة يسيرة وثب المماليك الأشرفية إلى الأتابكي جرباش كرت، وكان مقيمًا في [١/ ٢١١] تُربة الظاهر برقوق، بسبب مَوتِ ابنته التي من خوند شقراء، فأركبوهُ مِنْ بَابِ النصر، وحملوا على رأسهِ صَنجِقٍ، وَلقبوه بالملك الناصر، ثم أتوا به إلى البيت الكبير الذي في حدَرَةِ البَقر، ثم اتقع المماليك الأشرفية والأينالية مع المماليك الظاهرية، فكان بينهم وقعة عظيمة، فانكسر المماليك الأشرفية والأينالية كسره قوية، ثم انفضوا على ذلك، فأرسل السلطان خلف الأتابكي جرباش فطلع إلى القلعة.

ثم إن السلطان قبض على جماعة من المماليك الأيناليّة والأشرفية، ونفاهم إلى بلاد الصعيد وغيرها.

واستمر الملك الظاهر خُشقدم في السلطنة إلى سنة ست وستين فمن الحوادث، فيها: أن النيل توقف في أوائل شهر أبيب، وأقام على ذلك نحو خمسة عشر يومًا (١) لم يزد فيها شيئًا، فضج الناس من ذلك، فرسم السلطان للقُضاة والعلماء بأن يتوجهوا إلى المقياس، ويُقيموا هُناكَ، وَيبتهلوا إلى الله تعالى بالدعاء، فتوجهوا إلى المقياس، وأقاموا به أيام، وصار يجتمع هناك أعيان القضاة والعلماء، وقد قيل في المعنى:


(١) في بدائع الزهور ٢/ ٣٩٤: "أربعة عشر يوما".

<<  <   >  >>