للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوظائف في مُبتدأ دولته، ثم انتقلت من بعد ذلك الوظائف إلى جماعة كثيرة من الأمراء والمُباشرين والقضاة، حسبما يأتي ذكر ذلك في مواضعه إن شاء الله تعالى.

ثم إنه فرق الإقطاعات السنيّة على جماعة من المماليك السلطانية، ونفق على العسكر نفقة كاملة لكلّ مملوك من المماليك السلطانية مائة دينار، وأرضى جميع العسكر بكل ما يمكن.

فلما كان أواخر شهر رمضان جاءت الأخبار بأن نائب الشام جانم الأشرفي، وكان يُعرف بالمكحل، قد وصل إلى خانقة سرياقوس، وسبب ذلك أن جماعةً الأمراء الأشرفية لما تقلبوا على الملك المؤيد أحمد بن أينال، أرسلوا كاتب المقر السيفي جام نائب الشام بأن يحضر إلى الديار المصرية، ويجعلونه سُلطانًا عُوضًا عن الملك المؤيد أحمد، فأبطئ الأمير جانم ولم يحضر بسرعة، فلم يصبر العسكر حتى يحضر، ووثبوا على الملك المؤيد في رمضان كما تقدم ذكر ذلك، وَوَلوا الملك الظاهر خُشقدم قبل [ب/ ٢١٠] مجيء الأمير جانم من الشام، فكان كما قيل في الأمثال:

الرزق بالحظ وبالتقدير … وليس بالسَّعي ولا التدبير

والرزق لا يأتي بسعي القائم … وربما يأتي لشخص نائم (١)

فكان وصول الأمير جانم من الشام في ليلة عيد الفطر، فلما بلغ السلطان ذلك اشتور مع الأمراء، فأشاروا عليه بأن لا يُمكن المقر السيفي جانم من الدخول إلى الديار المصرية، فأرسل السلطان الملك الظاهر خُشقدم الصاحب علائي الدين علي بن الأهناسي إلى خانقة سرياقوس، ومد هناك مدّة عظيمة للمقر السيفي جانم، ثم إن السلطان أرسل إلى المقر السيفي جانم عشرة آلاف دينار، وأنعم عليه ببرك الأمير يونس الدوادار الكبير جميعه فأن الأمير يونس توفي في جمعةٍ تسلطن فيها الملك الظاهر خشقدم، ثم إن السلطان لما أرضى المقر السيفي جانم بالمال والبرك، رسم له بأن يعود إلى الشام، ويستقر نائب الشام على عادته.


(١) بحر الرجز؛ ولم يرد ذكرهما في بدائع الزهور.

<<  <   >  >>