للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الملك المؤيد أحمد فأنه أقام بالإسكندرية إلى دولة الملك الظاهر تمربعًا، فرسم بإخراجه من السجن، ورسم له أن يسكن في أي دار من دور الإسكندرية، فلما كانت دولة الملك الأشرف قايتباي وراج أمر المماليك الأينالية في دولة قايتباي، فعظم أمر الملك المؤيد، وحسنت أوقاته فعمر له بالإسكندرية قاعة عظيمة وسكن بها.

ثم إن المقر السيفي يشبك بن مهدي أمير دوادار كبير تزوج ببنت الملك المؤيد أحمد، فتضاعفت حرمته وتزايدت عظمته، ولاسيما أن خوند زوجة الملك الأشرف قايتباي كانت بنت ابن خال الملك المؤيد، فساعدته الأقدار من كل جانب، كما قد قيل في المعنى:

وإذا السعادة لاحظتك عيونها … نم في المخاوف واقتدي بأماني (١)

فأقام الملك المؤيد على ذلك مدة طويلة، وهو يركب إلى متنزهات الإسكندرية ويتصيد؛ ثم إن والدته خوند زينب مرضت مرضًا شديدًا فتوجه إليها الأمير يشبك الدوادار ليسلم عليها، فقالت له: "اسأل فضل السلطان أن ينعم لي بحضور ابني الملك المؤيد لأنظره قبل أن أموت، فطلع الأمير يشبك إلى عند السلطان، وذكر له ذلك، فرسم السلطان بإحضاره إلى القاهرة، وبرزت المراسم الشريفة بذلك فحضر الملك المؤيد أحمد إلى القاهرة بسبب ضعف والدته، وكان حضوره إلى القاهرة في سنة خمس وثمانين وثمانمائة (٢).

فلما حضر إلى القاهرة طلع إلى القلعة، وأخلع عليه السلطان خلعه وأركبه فرس بسرج ذهب وكنبوش، ونزل إلى عند والدته فأقام عندها إلى أن توفيت ودفنها وعقد عليها وعمل مأتمها، وأقام بالديار المصرية نحو شهر.

وفي هذه المدة توجه السلطان إلى ثغر الإسكندرية، ونزل الملك المؤيد في القاهرة هو والأمراء والعسكر، ولم يتوجه مع السلطان إلا قليل من العسكر، فأقام السلطان بثغر الإسكندرية أيامًا ثم عاد إلى القاهرة، وكان سبب توجه السلطان إلى ثغر مدينة الإسكندرية لأجل عمارة البرج الذي أنشأه السلطان هناك، وهي السفرة الثانية.

ثم إن الملك المؤيد قصد يتوجه إلى ثغر الإسكندرية فطلب من السلطان دستورًا للسفر، فأذن له في ذلك، فتوجه إلى ثغر الإسكندرية، وأقام بها مدة إلى


(١) بحر الكامل.
(٢) في بدائع الزهور ٣/ ١٥٤: ورد الخبر في أحداث سنة ٨٨٤ هـ.

<<  <   >  >>