للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما انكسر انهزم إلى نحو دمشق في نفر قليل من العسكر نحو ثلاثمائة مملوك، فبات في تربة تنم نائب الشام كان، وذلك في ليلة الأربعاء سادس عشرين المحرم.

فلما انهزم الملك الناصر، استولى نوروز وشيخ على خزائن المال والأطلاب، ودخلوا إلى دمشق وملكوها، وقد انتصروا على الملك الناصر فرج، وكسروه على اللجون، كما تقدم ذكر ذلك، وفي [١٨٢/ ١ أ] هذه الواقعة يقول الشيخ تقي الدين ابن حجة الشاعر، من قصيدة امتدح بها الملك المؤيد شيخ، فمن أبياتها في المديح قوله:

وجميع هاتيك البغاة بأسرهم (١) … دارت عليهم من سطاك دوائر (٢)

وعلى ظهور الخيل ماتوا خيفة … فكأن هاتيك السروج مقابر (٣)

فلما دخل العسكر إلى دمشق اجتمعوا في دار السعادة، واشتوروا فيمن يولوه سلطان، ثم خلعوا الملك الناصر فرج من السلطنة.

فأرسل الملك الناصر إلى الأمير شيخ يطلب منه الأمان، ولو أن الملك الناصر التجأ إلى الأمير نوروز الحافظي ما حصل له سوء، فأن نوروز كان صهر الملك الناصر زوج أخته، ولكن التجأ إلى الأمير شيخ، فأرسل إليه من قيده، وسجن بقلعة دمشق.

ثم أحضروا القضاة الأربعة في دار السعادة، وكتبوا محضرًا بأفعال الملك الناصر، وقامت البيئة بما يوجب كفره، فحكم القضاة بقتله.

فلما كانت ليلة السبت (٤) سادس صفر من السنة المذكورة، قتل الملك الناصر فرج بن برقوق، وهو بقلعة دمشق، قيل: دخلوا عليه فداوية، فقتلوه بالخناجر حتى مات، ثم ألقوه على مزبلة وهو عريان، والناس ينظرون إليه ولو أمكن مماليك أبيه أن يحرقوه لحرقوه بالنار مما قاسوا منه، كما تقدم.

ثم بعد ثلاثة أيام غسلوه وكفنوه وصلوا عليه، ودفنوه في مقبرة باب القراديس بمرج الدحداح بدمشق، فكان كما قيل:


(١) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٨١٨: "وكسرت باللجون جم عساكر".
(٢) في جواهر السلوك ٣٠٨: "نثروا على اللجون نظم عساكر * وأطاعهم في النظم بحر وافر"؛ وفي بدائع الزهور ١/ ٢/ ٨١٨: "الدوائر".
(٣) بحر الكامل؛ لم يرد هذا البيت في جواهر السلوك.
(٤) في بدائع الزهور ١/ ٢/ ٨١٩: "الأحد".

<<  <   >  >>